ذلك في نفي العقاب لأن استحقاقه مترتب على ثبوت المنع ولا يحتاج نفيه إلى ثبوت الترخيص فإذا ثبت عدم المنع ينتفي العقاب ولو لم يثبت الترخيص إلى أن قال إن قلت : لا يصح التمسك باستصحاب عدم الجعل في الشبهات الموضوعية لأن مورد الشبهة لم يجعل له الحكم بشخصه يقينا إلى أن قال قلت : إن الأحكام المجعولة بنحو القضايا الحقيقية تنحل إلى أحكام متعددة بحسب تعدد أفراد موضوعاتها كما هو مبنى جريان البراءة في الشبهات الموضوعية إذ بدونه لا يكون هناك حكم مجعول ليرفع بالبراءة الخ.
المرتبة الثانية :
هي المرتبة الفعلية والحكم الشرعي في هذه المرتبة متقوم بتحقق الموضوع خارجا لأن فعلية الحكم إنّما هي بفعلية موضوعه ومع انتفاء الموضوع خارجا لا يكون الحكم فعليا.
وتقريب الاستدلال في هذه المرتبة بالاستصحاب باعتبار المرتبة الثانية للحكم وهي المرتبة الفعلية فيقال يستصحب عدم التكليف الفعلي المتيقن قبل البلوغ.
وقد أورد عليه أوّلا : بأنه يعتبر في الاستصحاب أن يكون المستصحب بنفسه أو بأثره مجعولا شرعيّا وعدم التكليف أزلى غير قابل للجعل وليس له أثر شرعي فإن عدم العقاب من لوازمه العقلية فلا يجري فيه الاستصحاب.
ويمكن الجواب عنه بأن المعتبر في جريان الاستصحاب أن يكون المستصحب قابلا للتعبد الشرعي ولا خفاء في أن عدم التكليف كوجوده قابل للتعبد وتوهم أنه لا بد من أن يكون المستصحب قابلا للتعبد حدوثا والعدم الأزلي لا يكون حادثا مدفوع بأن المعتبر كونه قابلا للتعبد عند جريان الاستصحاب وفي ظرف الشك فيكفي كون المستصحب قابلا للتعبد بقاء وإن لم يكن قابلا له حدوثا.
وثانيا : بأن المتيقن الثابت قبل البلوغ إنما هو عدم التكليف في مورد غير قابل له كما في الحيوانات ومثل ذلك لا يحتمل بقاؤه بعد البلوغ وإنما المحتمل فيه عدم التكليف في المورد القابل له فلا معنى للتمسك بالاستصحاب.