اختيارية لإمكان التحرز عنها باختيار مبادي أضدادها وعليه يصح تعلّق الحكم بها باعتبار اختيارية مباديها.
التنبيه الثالث :
أنّه لا إشكال في قبح مؤاخذة الناسي والعاجز والمخطي بحكم العقل وعلى هذا يرد على الرواية المذكورة أمران : أحدهما أنّ رفع الحكم عن هؤلاء لا يختص بالأمة المرحومة لأنّ القبيح قبيح في كل زمان.
وثانيهما أنّ الرواية ظاهرة في الامتنان مع أنّه لا منّة في رفع ما هو قبيح عند العقل وفيه منع استقلال العقل بقبح مؤاخذة الناسي والمخطي مع كون أضداد مبادي هذه الأمور تحت الاختيار وترك التحفظ فيها فإذا لم يكن المؤاخذة في هذه الصورة قبيحة أمكن تصور الامتنان عند رفع المؤاخذة عند النسيان والخطأ كما لا يخفى.
قال شيخنا الأعظم قدسسره : إنّ الذي يهوّن الأمر في الرواية جريان هذا الإشكال في الكتاب العزيز أيضا فإنّ موارد الإشكال فيها وهي الخطأ والنسيان وما لا يطاق وما اضطروا إليه هي بعينها ما استوهبها النبي صلىاللهعليهوآله من ربه جلّ ذكره ليلة المعراج على ما حكاه الله تعالى عنه صلىاللهعليهوآله في القرآن بقوله تعالى : (رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا رَبَّنا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا) الآية والذي يحسم أصل الإشكال منع استقلال العقل بقبح المؤاخذة على هذه الأمور بقول مطلق فإنّ الخطأ والنسيان الصادر من ترك التحفظ لا يقبح المؤاخذة عليها وكذا المؤاخذة على ما لا يعلمون مع إمكان الاحتياط وكذا في التكليف الشاق الناشئ عن اختيار المكلف والمراد بما لا يطاق في الرواية هو ما لا يتحمل في العادة لا ما لا يقدر عليه أصلا كالطيران في الهواء وأمّا في الآية فلا يبعد ان يراد به العذاب والعقوبة فمعنى لا تحملنا ما لا طاقتنا به لا تورد علينا ما لا نطيقه من العقوبة. (١)
التنبيه الرابع :
في أنّه لا فرق بين أن يكون متعلق الحكم هو الفعل أو الترك إذ أيّ واحد منهما فله حكم و
__________________
(١) فرائد الاصول : ١٩٦.