وأما اذا اختلف العلماء على قولين وذهب المشهور منهم الى ما يخالف الخبر الصحيح أو الموثق واعرضوا عنه واختار غير المشهور منهم ما هو مطابق للخبر المذكور فلا دليل لرفع اليد عن الخبر الذي يكون حجة في نفسه لمجرد اعراض المشهور عنه. (١)
مندفعة : بانّ الكلام فيما اذا اعرض المشهور عن العمل بالخبر مع وضوح صحته وتماميّة دلالته من دون أن يكون الاعراض اجتهاديا. ومن المعلوم أن مثله يوجب الوهن في الخبر ؛ فانّ الاعراض المذكور يكشف عن اختلال في الرواية من ناحية جهة الصدور ونحوها ، وإلّا فلا وجه لاعراضهم عنها مع صحة السند وتمامية الدلالة ، كما لا يخفى. نعم يصح أن يقال كثيرا ما لم نحرز الاعراض المذكور ، ولكنّه مناقشة في الصغرى ، كما لا يخفى.
التنبيه السابع :
أن الأخبار المنقولة بالواسطة أو الوسائط كالأخبار المنقولة بلا واسطة مشمولة لادلة الاعتبار من السيرة القطعية المتشرعية وبناء العقلاء والأخبار المطلقة الدالة على حجية الخبر الواحد.
وتخصيص الادلة بالأخبار المنقولة بلا واسطة ينافيه السيرة القطعية المتشرعية وبناء العقلاء واطلاق الأخبار.
ودعوى : أن الخبر مع الواسطة خبر عن الموضوع ، والمشهور على أنّ خبر الواحد ليس حجة في الموضوعات بل لا بد فيها من قيام البيّنة ، ولعل ذلك لاستنادهم الى خبر مسعدة بن صدقة الذي فيه : والاشياء كلها على هذا حتى يستبين لك غير ذلك أو تقوم به البيّنة (بناء على أن المراد من البيّنة هي البيّنة الاصطلاحية).
وعليه فالخبر عن الخبر لا يكون حجة ؛ لانه خبر عن الموضوع لا الحكم الشرعي الكلي ، وليس في هذه النصوص ما يدل على حجية الخبر عن الواسطة ؛ إذ كلها ظاهرة في حجية الخبر عن الحكم رأسا ، كما لا يخفى.
__________________
(١) مصباح الاصول : ج ٢ ص ٢٠٣.