الخلاصة
حديث أيّ رجل ركب أمرا بجهالة
ومنها : أي من الأخبار التى استدل بها للبراءة صحيحة عبد الصمد بن بشير حيث قال عليهالسلام فيها «أيّ رجل ركب أمرا بجهالة فلا شيء عليه»
ولا يخفى عليك أنّ التمسك بها متوقف على أنّ المراد من الجهالة هو الجهل بحكم الشيء واقعا وعدم العلم به كما هو الظاهر لعدم تقيد الأمر المذكور في الرواية بالشك وعليه فمقتضى هذا الحديث الصحيح أنّ الإتيان بشيء عن عدم علم وجهالة بحكمه الواقعي لا يوجب شيئا.
فهذا الحديث ينافي أدلّة وجوب الاحتياط نعم لو كان المراد من الجهالة هو الجهل بمطلق الوظيفة الفعلية يشكل التمسك به للبراءة لورود ادلة الاحتياط عليه لكن عرفت أنّ ظاهر إطلاق الأمر في قوله عليهالسلام أيّ رجل ركب أمرا يقتضي أن يكون الجهل متعلقا بحكمه الواقعي فيكون مفاده كحديث الرفع في دلالته على البراءة بالنسبة إلى الحكم الواقعي في مرحلة الظاهر.
ودعوى أنّ الباء في قوله بجهالة ظاهر في السببية الارتكاب وعليه يختصّ بالغافل والجاهل المركب ولا يشمل الجاهل البسيط وصورة التردد ويؤيده أنّ تعميم الجهالة لصورة التردد يوجب التخصيص بالشاك الغير المقصّر وسياقه آب عن التخصيص.
مندفعة بأنّ الجهل ليس علة للإتيان بالشيء فإنّ وجود الشيء في الخارج معلول لمباديه نعم ربما يكون العلم بالحكم مانعا ورادعا عن حصول تلك المبادي في النفس وعليه فالمناسب هو جعل الباء في قوله بجهالة بمعنى عن.
هذا مضافا إلى أنّ التخصيص ممّا لا بدّ منه للزوم إخراج الجاهل المقصر إذا حمل الجهالة على الجاهل المركب إذ المقصر ولو كان جاهلا مركبا لا يكون ممن لا شيء عليه هذه عمدة ما استدل به من الأخبار على البراءة.