الفرض لا تظهر ثمرة بين القول بحجية الخبر والقول بوجوب العمل به من باب الاحتياط. (١)
وعليه فما ذكره الشيخ من عدم جواز مخالفة الاصول اللفظية بالخبر بناء على الدليل المذكور صحيح بالنسبة الى غير الصورة الاخيرة من الصورتين المتقدمتين ، وأما بالنسبة الى الصورة الاخيرة فلا يصحّ ؛ لما عرفت من وجوب الاتباع عن الخبر الدال على الحكم الالزامي وتقديمه على العام أو المطلق الدال على الحكم الترخيصي ، وليس هذا إلّا هو معنى الحجية ، ولا فرق في هذه الصورة بين القول بلزوم العمل بالخبر بالدليل النقلي وبين حجيته بالدليل العقلي ؛ للزوم العمل به على كلا التقديرين في الصورة الأخيرة. هذا كلّه هو حكم الخبر بناء على لزوم العمل به بالدليل العقلي في قبال الاصول اللفظية.
وأما حكم الخبر في قبال الاصول العملية بناء على لزوم العمل بالخبر بالدليل العقلي. فيمكن أن يقال : إن كانت الأخبار نافية والاصول مثبتة فلا اشكال حينئذ في تقديم الاصول المثبتة ؛ لوجود موضوعها وهو الشك بعد عدم حجية الخبر ، هذا مضافا الى أنه لا يلزم عن جريان الاصول المثبتة مخالفة عملية ، وأما اذا قلنا بحجية الاخبار فلا ريب في أن مع الاخبار لا يبقى موضوع الاصول المذكورة ، كما لا يخفى.
وإن كانت الأخبار مثبتة أيضا في الفرض المذكور وكانا متوافقين فلا اشكال أيضا في جريان الأصول المذكورة على القول بوجوب الخبر من باب الاحتياط ؛ لأنّ المانع من جريان الأصول أمران ، وكلاهما مفقودان : أحدهما ارتفاع موضوع الأصل وهو الشك وهو مفقود لعدم العلم الوجداني ولعدم حجية الخبر على الفرض ، وثانيهما لزوم المخالفة العملية القطعية والمفروض كون الاصول مثبتة للتكليف كالأخبار ، فلا يلزم من جريان الاصول المذكورة مخالفة عملية ، فلا مانع من جريانها ، هذا بخلاف ما اذا قلنا بحجية الخبر لارتفاع موضوع الاصول حينئذ ، كما لا يخفى.
وأما إذا لم يكونا متوافقين كأن يكون مفاد الأخبار حرمة الجمعة أو وجوب الدعاء عند
__________________
(١) راجع مصباح الاصول : ج ٢ ص ٢١٠ ـ ٢١٣.