لانا نقول : نعم ، ولكن العلم الاجمالي بارادة العموم أو الاطلاق في بعضها يقتضي وجوب الاحتياط والعمل بجميع العمومات والمطلقات الدالة على التكاليف الالزامية ، والخاص المذكور لا يكون حجة ليكون موجبا لانحلال العلم الاجمالي المذكور ، ففي هذا الفرض تظهر الثمرة بين القول بحجية الخبر فانه مقدم على العام أو المطلق وبين القول بوجوب العمل به من باب الاحتياط فانه غير مقدم عليهما ، بل يجب العمل بالعموم أو المطلق ، كما لا يخفى.
ويلحق به في ظهور الثمرة ما اذا كان مفاد كل من العام والخاص حكما الزاميا بأن يكون مفاد العام وجوب اكرام العلماء ومفاد الخاص حرمة اكرام العالم الفاسق مثلا ، فعلى القول بحجية الاخبار لا اشكال في تقديم الخاص على العمومات وتخصيصها به ، وأما على القول بوجوب العمل بالأخبار الدالة على الخاص من باب الاحتياط فلا يمكن الاحتياط ؛ فان العلم الاجمالي بارادة العموم من بعض العمومات يقتضي الاحتياط بالفعل والعلم الاجمالي بصدور جملة من المخصصات يقتضي الترك ، فيكون المقام حينئذ نظير دوران الامر بين المحذورين ، والعقل حينئذ يحكم بالتخيير بين الفعل والترك ، فيتضح الفرق بين القول بحجية الخبر وبين القول بوجوب العمل بالخبر من باب الاحتياط.
وأما إذا كان مفاد العام أو المطلق حكما ترخيصيا ومفاد الخاص حكما الزاميا وهو عكس الاول فلا فرق بين القول بحجيّة الخبر وبين القول بوجوب العمل بالخبر من باب الاحتياط ؛ وذلك لتعين العمل بالخاص في جميع الاطراف ولو كان العمل به من باب الاحتياط ؛ إذ العلم الاجمالي بصدور جملة من المخصصات المشتملة على أحكام الزامية يوجب سقوط الاصول اللفظية عن الحجية ، كما هو الحال في الاصول العملية ؛ فانّ إجراءها في جميع الاطراف يستلزم المخالفة العملية القطعية وفي بعضها ترجيح بلا مرجح ، فلا مجال للقول بانّ العموم أو الاطلاق حجة في مدلوله ولا يرفع اليد عنهما إلّا بحجّة أقوى ، والعلم الاجمالي بارادة العموم في بعض الموارد مما لا اثر له ؛ اذ المفروض كون مفاد العموم حكما ترخيصيا ، وقد تقدم أنه لا أثر للعلم الاجمالي فيما اذا لم يكن متعلقا بحكم الزامي. ففي هذا