عند الشك قبل الفحص ولو لم يكن قول المنذر حجة شرعا كما دلّ عليه اخبار عديدة مذكورة فى محالها (١)
لأنّا نقول : هذا الإشكال جار في كل أمارة من الأمارات فإنّ الاجتناب عن فعل محتمل الحرمة أو ترك محتمل الوجوب قبل الفحص واجب ومع ذلك أفادت أدلة الاعتبار حجّيتها ولا يكون الأمارات لغوا والوجه فى ذلك أن بعد الفحص لا يحكم العقل بوجوب الاحتياط والتعلّم بخلاف الأمارات فإذا دلّت الأمارات بعد الفحص على حرمة شيء أو وجوب شيء وجوب الاجتناب عن فعل ما دلّت الأمارات على حرمته وعن ترك ما دلّت على وجوبه فلا تكون اعتبار الأمارات لغوا وهكذا الأمر فى المقام فإنّ بعد الفحص لا مجال لحكم العقل وفي نفس الحال يدل الآية الكريمة على وجوب المتحذّر بقيام خبر العادل فلا يكون اعتبار الخبر الواحد لغوا كما لا يخفى.
ودعوى أن ظاهر الآية الكريمة مدخليته كون النافرين جماعة في وجوب النفر ووجوب الإنذار ووجوب الحذر ومع احتمال خصوصية هذا الظاهر فلا مجال لرفع اليد عنه وعليه فالآية اجنبية عن المدعى ولا ترتبط بإثبات حجّية قول المنذر الواحد عند الشك في قوله إنّه هل هو حكم الله الواقعي أولا لأنّ مفاد الآية هو وجوب نفر الجماعة بما هى الجماعة لا الفرد وأين ذلك بما نحن بصدده. (٢)
مندفعة بأنّ لازم اعتبار الجماعة هو عدم وجوب الانذار لو نفر جماعة من فرقة ثم تفقهوا ولكن عرض لهم الموت وبقى فرد واحد منهم وعليه فلا يجب على هذا الفرد الإنذار وهو كما ترى هذا مضافا إلى أنّ مقام التعلّم والإنذار ممّا لا توقّف لهما على الجماعة يشهد على أنّ المراد من الطائفة هو الاستغراق أعني كلّ فرد فرد منها لا الجماعة كما أنّه لم يعتبر في المنذر بفتح الذال أن يكون جماعة باعتبار لفظ القوم في الآية الكريمة.
__________________
(١) المحاضرات سيدنا الاستاذ المحقق الداماد ٢ / ١٣٧.
(٢) المحاضرات لسيدنا الاستاذ المحقق الداماد ٢ / ١٣٤ ـ ١٣٦.