العرفية عند نزول الآية وصدور الروايات. والشاهد عليه هو تطبيق الآية الكريمة على النفر للتفقه في الدين في الروايات المستفيضة ، مع أن المعنى المذكور غير ملحوظ فيه كما لا يخفى.
وهكذا لا مجال لدعوى غلبة استعمال مادة النفر في النفر الى الجهاد بحيث تمنع عن ارادة النفر للتفقه ؛ وذلك لمنع الغلبة أولا : وعلى تقدير تسليمها فالمنع عن ارادة النفر للتفقه صحيح ما لم يقترن بالقرينة ، ويكفي في المقام قوله (لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ) لصرفه الى النفر للتفقه ، هذا مضافا الى تطبيق الآية في الروايات المستفيضة على النفر للتفقه ، فراجع.
لا يقال : أن الآية نزلت في المؤمنين حيث حلفوا على عدم التخلف عن غزوة يغزوها رسول الله صلىاللهعليهوآله ولا سرية حيث انه صلىاللهعليهوآله اذا خرج الى الجهاد لا يتخلف عنه إلّا المنافقون ، فانزل الله وحيا واخبر بعيوب المنافقين وبيّن نفاقهم ، وعليه فقوله (وَما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً) ، اخبار في مقام الانشاء ، ويدل على النهي عن النفر العام.
لانا نقول : لا ارى دليلا صحيحا يدل على شأن النزول المذكور إلّا نسبة ذلك الى القيل أو بعض المرسلات عن الامام الباقر عليهالسلام كما في مجمع البيان. ومن المعلوم انه لا اعتبار به ، هذا مضافا الى أن مقتضى الروايات الكثيرة أن النفر في الآية الكريمة هو النفر للتفقه في الدين ، ولازمه أن يكون المراد من النفر في قوله (وَما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا) هو النفر للتفقه أيضا. وعليه فالمراد من التفقه في قوله (وَما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا) ليس هو انشاء النهي ، بل هو اخبار عن عدم تمكن المؤمنين جميعا لهذا الواجب لما يلزم من اختلال النظام ، فلهم عذر في عدم اقدامهم جميعا للنفر للتفقه ، ولكن لا عذر لهم في عدم نفر طائفة منهم لهذا الواجب المهم ، فيجب النفر على جماعة من كل قوم ، فلا تغفل.
لا يقال : لو كان مفاد الآية وجوب التحذر عند الشك لا يدل ذلك على حجيّة قول المنذر لأنّ الحذر واجب فى الشبهة قبل الفحص فقول المنذر يوجب ابداء الاحتمال وبمجرد ذلك يحكم العقل الفحص فقول المنذر يوجب ابداء الاحتمال وبمجرد ذلك يحكم العقل على المكلف اما بالاحتياط او تعلم الحكم وبعبارة اخرى كل من الخوف والحذر العملى واجب