النافرة لا الباقية ، ولكن لا يساعده ظهور كلمة التفقه في الدين ؛ فان المستفاد منه هو عمومية التفقه بالنسبة الى مسائل الدين والاسلام ، وهو لا يحصل بتمامه في النفر للجهاد وإن لم يخل النفر للجهاد أحيانا عن الغلبة والنصرة وبعض التعليمات النازلة في سفر الجهاد ، إلّا أن اطلاق التفقه في الدين انسب بالنفر لتعلم الأحكام والمعارف
وثالثا : أن المستفاد من الروايات هو لزوم النفر للتعلم وعدم جواز ترك النفر لذلك كصحيحة يعقوب بن شعيب ويونس بن عبد الرحمن ومحمّد بن مسلم : أفيسع الناس اذا مات العالم أن لا يعرفوا الذي بعده؟! فقال : اما اهل هذه البلدة فلا ـ يعني المدينة ـ وأن غيرها من البلدان فبقدر مسيرهم ، أن الله عزوجل يقول (وَما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً) الى قوله (لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ). (١)
هذا مضافا الى قوله عليهالسلام في خبر عبد الله بن المؤمن الانصاري : فأمرهم أن ينفروا الى رسول الله صلىاللهعليهوآله ويختلفوا اليه فيتعلموا (٢) وغير ذلك.
فتحصل أن النفر واجب للتعلم والتفقه وصدر الآية يدل على عدم تمكن جميع المؤمنين من النفر لتحصيل العلم فلا يجب عليهم النفر بالوجوب العيني بل اللازم عليهم هو النفر بنحو الوجوب الكفائى فالآية غير مرتبطة بالنفر للجهاد ومجرد ذكرها عقيب قوله تعالى وما كان لاهل المدينة ومن حولهم من الاعراب أن يتخلفوا عن رسول الله (٣) لا يكون قرينة على أن المراد من قوله وما كان المؤمنون الآية هو النهى عن النفر العمومى للجهاد فتدبر جيدا.
ودعوى : أن معنى النفر يناسب الخروج الى الجهاد ؛ لانه في الاصل بمعنى «جهيدن» كما في قوله تعالى (كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ* فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ). (٤)
مندفعة : بأنّ النفر وأن كان كذلك في الاصل ، ولكن لا يكون كذلك في الاستعمالات
__________________
(١) كنز الدقائق : ج ٥ ص ٥٧٢ ـ ٥٧٣.
(٢) كنز الدقائق ٥ : ٥٧٢ ـ ٥٧٣.
(٣) التوبة / ١٢٠.
(٤) المدّثر / ٥٠ و ٥١.