هذا مضافا الى أن ما ذكره من أن حقيقة النبأ لا يتصور إلّا بالصدور من مخبر يصح فيما اذا كان المقصود من النبأ هو معناه المصدري ، واما اذا اريد من النبأ معناه الاسم المصدري مع قطع النظر عن مخبره فيمكن لحاظه مستقلا في عالم الخبر. نعم ظاهر قوله (إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ) ، هو معناه المصدري ، فتدبّر جيدا.
لا يقال : إن كان المراد أن الموضوع هو طبيعة النبأ المقسم لنبأ العادل والفاسق فاللازم على تقدير تحقق الشرط وجوب التبيّن في طبيعة النبأ وإن كانت متحققة في ضمن خبر العادل ، وإن كان المراد أن الموضوع هو النبأ الموجود الخارجي فيجب أن يكون التعبير باداة الشرط باعتبار الترديد ؛ لأن النبأ الخارجي ليس قابلا لأمرين ، فعلى هذا ينبغي أن يعبّر بما يدل على المضي لا الاستقبال. (١)
لانا نقول : مضافا الى النقض بمثل العالم إن كان فقيها يجب اكرامه فانّه لا يدل على وجوب اكرام طبيعة العالم ، بل يدل على اكرام الفقيه ، مع أن العالم هو طبيعة العالم وتقسم لكل صنف من اصناف العالم ـ يمكن الجواب عنه حلّا بما في نهاية الدراية من أنّه على تقدير جعل الموضوع طبيعي النبأ ليس المراد من الطبيعة المطلقة بنحو الجمع بين القيود بحيث يكون المراد منه الطبيعة المتحققة في ضمن نبأ العادل والفاسق معا.
بل المراد هو اللابشرط القسمي أي طبيعي النبأ الغير الملحوظ معه نسبة الى الفاسق ولا عدمها وإن كان هذا الطبيعي يتحصّص من قبل المعلق عليه وجودا وعدما ، فيتحقق هناك حصتان : إحداهما موضوع وجوب التبين ، والاخرى موضوع عدم وجوب التبيّن ، ولا منافاة بين أن يكون الموضوع الحقيقي لكل حكم حصة مخصوصة وأن يكون الموضوع في الكلام رعاية للتعليق المفيد لحكمين منطوقا ومفهوما نفس الطبيعي الغير الملحوظ معه ما يوجب تحصّصه بحصتين وجودا وعدما. (٢)
__________________
(١) الدرر : ٣٨٤.
(٢) نهاية الدراية : ٢ : ٧٦.