لا يقال : أن الموضوع وإن كان ذات النبأ وطبيعته إلّا أن الموضوع في الأحكام هو الطبيعي الموجود في الخارج ، وتكون الذات مأخوذة مفروضة الوجود ، وليس الحال فيه كالمتعلق.
وعليه فموضوع الحكم هو النبأ الموجود. ومن الواضح أن النبأ الموجود لا يخلو الحال فيه إما أن يكون نبأ فاسق أو نبأ عادل ، ولا يقبل الانقسام الى كلتا الحالتين ، ولازم ذلك هو استعمال الاداة الداخلة على مجيء الفاسق في معنى الفرض والتقدير ، نظير ما لو رأى المولى شبحا فقال لعبده : إن كان هذا زيدا فأكرمه ؛ فان الشبح لا يقبل عروض الزيدية عليه تارة والعمرية أخرى ، بل هو أما زيد أو عمرو ، فالاداة تستعمل في معنى الفرض والتقدير ، لا في معنى الشرطية ؛ إذ ليس هناك جامع بين الحالتين يتوارد عليه النفي والاثبات كي يعلّق الاثبات على شيء ، بل الشبح يدور بين متباينين. وما نحن فيه من هذا القبيل ، ولا يمكن استفادة المفهوم منه ؛ لعدم قابلية النبأ الموجود للانقسام الى كلتا الحالتين. (١)
لانا نقول : مضافا الى النقض بمثل العالم إن كان فقيها يجب تقليده ، فان الموضوع فيه مفروض الوجود ، ومع ذلك يدل على المفهوم ـ أن هذا مبني على كون القضية خارجية واشتباه الموضوع الخارجي ، والمفروض خلافه ؛ لأن القضية حقيقية والموضوع طبيعي النبأ في ايّ فرد وجد ولا اشتباه في الخارج. ومن المعلوم أن طبيعي النبأ بالنحو المذكور له افراد مختلفة بحسب الوجود الخارجي ، فلعل حصة من الطبيعي الموجود في الخارج هو حكمه ، فاذا خصّص بعض الحصص الموجودة من الطبيعة بحكم عند شرط كذا يدل بمفهومه على انتفاء هذا الحكم عن غير هذه الحصص من سائر حصص الطبيعة الموجودة ، ولا ريب في أن هذا مفهوم مستفاد من تعليق الحكم على حصة من الطبيعة عند شرط كذا ، فلا تغفل.
إن قلت : أن ما هو عمدة الملاك في ثبوت اصل المفهوم للشرط على تقدير تسليمه لا يتأتى في المقام.
__________________
(١) منتقى الاصول : ٤ : ٢٦٢ ـ ٢٦٣.