فكساه رسول الله شطّتين وأمره أن يلزم المسجد ويرقد فيه بالليل لحال غربته وعراه ، وكان يجري عليه طعاما صاعا من تمر. ثم كثر من دخل في الإسلام من أهل الحاجة من الغرباء بالمدينة حتى ضاق بهم المسجد ، فأوحى الله إلى نبيّه : أن طهّر مسجدك وأخرج من المسجد من يرقد فيه بالليل (١) فأمر رسول الله صلىاللهعليهوآله أن يتخذ للمسلمين سقيفة ـ هي الصفّة ـ فعملت لهم ، فأمر الغرباء والمساكين أن يظلوا فيها ليلهم ونهارهم ، فاجتمعوا فيها. وكان رسول الله يتعاهدهم بالبر والشعير والتمر والزبيب إذا كان عنده ، ويتعاهدهم المسلمون ويرقون عليهم لرقة رسول الله بهم ويصرفون صدقاتهم إليهم (٢).
ومناسبة ذكرها هنا نزول أبي هريرة وقومه من دوس من أزد اليمن وهم ثمانون رجلا ومعهم الأشعريون الخمسون الذين أسهم لهم النبيّ في غنائم خيبر والفضل في وصف الصفّة يعود بالعمدة إلى أبي هريرة منهم وإن كانوا غير قليل ، فعنه قال : رأيت سبعين من أصحاب الصفّة وما منهم رجل عليه رداء ، وإنّما عليه إمّا إزار ، وإمّا كساء ربطوه في أعناقهم ، فمنها ما يبلغ الكعبين ، ومنها ما يبلغ نصف الساقين فيجمعه بيده لئلّا ترى عورته (٣) وكنا إذا أمسينا حضرنا رسول الله فيأمر كل رجل لينصرف برجل منّا أو أكثر (٤)! ومع ذلك قال : إن كنت لأعتمد بكبدي على الأرض من الجوع ، وأشدّ الحجر على بطني من الجوع. ولقد قعدت يوما على طريقهم الذي يخرجون منه من المسجد فمرّ أبو بكر ، فسألته عن آية من كتاب الله ،
__________________
(١) وهنا في الخبر : ومر بسدّ الأبواب ... بينما في العديد من أخبار سدّ الأبواب حضور العباس واعتراضه ، وهو انما حضر لحرب تبوك في التاسعة لا قبلها ، فأجّلناه الى هناك.
(٢) فروع الكافي ٥ : ٣٣٩ ، الباب ٢١ الحديث ١ وفيه تمام خبر عرس جويبر.
(٣) صحيح البخاري ١١ : ٤١٦.
(٤) صحيح البخاري ١١ : ٢٣٨.