بعث علي عليهالسلام بآيات البراءة :
روى القمي في تفسيره بسنده عن الصادق عليهالسلام قال : كان في سنّة العرب في الحج أنه : من دخل مكة وطاف بالبيت في ثيابه لم يحلّ له إمساكها ، فكانوا يتصدّقون بها ولا يلبسونها بعد الطواف (وإلّا) فمن يوافي مكة يستعير ثوبا فيطوف فيه ثم يردّه ، فمن لم يجد عارية اكترى ثيابا ، ومن لم يجد عارية ولا كراء ولم يكن له إلا ثوب واحد طاف بالبيت عريانا.
ولما فتح رسول الله مكة لم يمنع المشركين من الحج في تلك السنة (الثامنة) (١) فكان المشركون يحجّون مع المسلمين ، فتركهم على حجّهم الأول في الجاهلية ، وعلى امورهم التي كانوا عليها : من طوافهم بالبيت عراة ، وتحريمهم الشهور (الحلال بدل) الحرام ، والقلائد ، ووقوفهم بالمزدلفة.
وأراد الحج ، فكره أن يسمع تلبية العرب لغير الله ، والطواف بالبيت عراة (٢).
هذا في حجّهم ، وأما في قتالهم :
ففي الآية : ١٩٠ من سورة البقرة : (وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ الَّذِينَ يُقاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) روى الطبرسيّ عن الربيع بن أنس وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم قالا : هذه أول آية نزلت في القتال ، فلما نزلت كان رسول الله يقاتل من قاتله ، ويكفّ عمّن كفّ عنه (٣) وقال في معنى : (وَلا تَعْتَدُوا) قيل : معناه : لا تعتدوا بقتال من لم يبدأكم (٣).
وكان رسول الله صلىاللهعليهوآله قد هادن بني ضمرة ووادعهم ، وكانت بلادهم على طريق مكة من المدينة ، وكان بنو الأشجع من بني كنانة قريبا من بلاد بني ضمرة ،
__________________
(١) تفسير القمي ١ : ٢٨١.
(٢) تفسير فرات الكوفي : ١٦١ ح ٢٠٣ عن ابن عباس.
(٣) و (٤) مجمع البيان ٢ : ٥١٠.