والمفروض أنّ هاتين الآيتين هما آيتا إيجاب الحجاب كما مرّ ، فقبلهما لم يكن واجبا وبحاجة إلى تطبيق هذه الاستثناءات ، والمفروض أن الخادم كان يدخل إلى مارية من قبل إيجاب الحجاب ، ولكن الآية استثنته حتى لما بعد نزولها. ولم يرو عنه صلىاللهعليهوآله أنّه منعه بعدها.
مكاتبة العبيد ، وتحصين الإماء :
ولعفّة الرجال والنساء انتقلت الآيتان التاليتان : ٣٢ و ٣٣ إلى الترغيب في النكاح ، ونكاح العبيد ومكاتبتهم ، والإماء وتحصينهنّ.
وفي مكاتبة العبيد روى الواحدي : أنّ غلاما لحويطب بن عبد العزّى (في مكة!) سأل مولاه أن يكاتبه ليتحرّر ، فأبى عليه (وكانا قد أسلما بعد فتح مكة) فأنزل الله هذه الآية ، فكاتبه حويطب على مائة دينار ، ووهب له منها عشرين دينارا ، فأدّاها ، وقتل في الحرب يوم حنين (١) وهذا يعني نزول السورة إلى هنا بعد فتح مكة وقبل حرب حنين؟! فكيف الإفك؟ واللعان في المدينة؟!
وفي قوله سبحانه : (وَلا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ عَلَى الْبِغاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَياةِ الدُّنْيا) جاء في تفسير القمي : كانت العرب وقريش يشترون الإماء ويجعلون عليهن الضريبة الثقيلة ويقولون لهن : اذهبن وازنين واكتسبن! فنهاهم الله ـ عزوجل ـ عن ذلك (٢) وهذا لا يقتضي نزولها في مكة قبل الهجرة وانما بعد فتحها. وقوله سبحانه : (وَمَنْ يُكْرِهْهُنَّ فَإِنَّ اللهَ مِنْ بَعْدِ إِكْراهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ) إعفاء لهنّ عمّا سبق من حدّ الجلد للزّنا.
__________________
(١) أسباب النزول للواحدي : ٢٧٠.
(٢) تفسير القمي ٢ : ١٠٢.