فخرج وعليه قطيفة وقد عصّب رأسه بعصابة حتى صعد المنبر ، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : أما بعد يا أيها الناس! فما مقالة بلغتني عن بعضكم في تأميري اسامة بن زيد؟! والله لئن طعنتم في إمارته لقد طعنتم في إمارة أبيه من قبله.
وايم الله إن كان للإمارة لخليقا وإن ابنه من بعده لخليق للإمارة ... فاستوصوا به خيرا فإنّه من خياركم! ثم نزل فدخل بيته.
وجاء المسلمون يودّعون رسول الله ليخرجوا مع اسامة فيهم عمر بن الخطاب ، ورسول الله يقول لهم : انفذوا بعث اسامة!
ودخلت عليه أم أيمن (أم اسامة) فقالت : أي رسول الله ، لو تركت اسامة يقيم في معسكره حتى تتماثل (للشفاء) فإن اسامة إن خرج على حالته هذه لم ينتفع بنفسه. فقال رسول الله : أنفذوا بعث اسامة!
فمضى الناس الى المعسكر ، فباتوا ليلة الأحد هناك مع اسامة. فلما أصبح يوم الأحد نزل الى المدينة فدخل على رسول الله وهو يبكي ، ورسول الله ثقيل مغمور بالمرض وعنده عمّه العباس ، وحوله نساؤه ، وهو لا يتكلّم ، فطأطأ على اسامة فقبّله فرفع رسول الله يده الى السماء ثمّ يقلب كفّه على اسامة كأنّه يدعو له ، فرجع اسامة الى معسكره فبات فيه ليلة الاثنين ، ثم غدا من معسكره يوم الاثنين الى رسول الله مرّة اخرى ، فجاءه اسامة وهو مفيق مريح ، فودّعه اسامة وهو يقول له : اغد على بركة الله! وركب اسامة الى معسكره ، وصاح بأصحابه باللحوق بالعسكر ، فانتهى الى معسكره ونزل وأمر الناس بالرحيل من الجرف. فبينا هو كذلك إذ أتاه رسول أمه أمّ أيمن يخبره أنّ رسول الله في حال الموت ، فرجع اسامة الى المدينة ومعه عمر بن الخطاب وأبو عبيدة بن الجرّاح.
أما أبو بكر فإنّه كان قد دخل عليه لما كان مفيقا فقال له : يا رسول الله إنّك