ويوم الأربعاء نزل رسول الله السقيا ، ثم أصبح رسول الله بالأبواء ، فصلّى في مكان المسجد بوادي الأبواء على يسار المتوجه الى مكة. ثم راح النبي حتى انتهى الى قلعات اليمن (مرتفعاته) وكان هناك شجرة سمرة جلس النبي تحتها ، وصلّى في مكان المسجد الذي في مهبط الوادي من ثنية أراك الى الجحفة ، وفي يوم الجمعة نزل الجحفة وصلّى بها في مكان المسجد الذي دون موضع خم. ويوم السبت كان في قديد فصلّى في مكان مسجد المشلّل ، ثم صلّى في مكان المسجد الذي بأسفل لفت.
وفي لفت مرّ النبي صلىاللهعليهوآله بامرأة في هودجها ومعها ولد صغير فأخذت بعضده وسألته : يا رسول الله ، ألهذا حج؟ قال : نعم ، ولك أجر.
وفي يوم الأحد كان في عسفان ، ثم راح حتى انتهى الى كراع الغميم. وكان معه مشاة فصفوا له صفوفا في الغميم وشكوا إليه من شدة المشي عليهم (١) ، وأنّه قد أجهدهم وشكوا إليه الاعياء ، فقال صلىاللهعليهوآله : اللهم أعطهم أجرهم وقوّهم. ثمّ قال لهم : لو استعنتم بالنسلان (٢) لخفّت أجسامكم وقطعتم الطريق. ففعلوا فخفّت أجسامهم (٣).
وروى ابن اسحاق بسنده عن عائشة قالت : لما كنّا بسرف ، حضت ذلك اليوم فكنت أبكي ، فدخل عليّ النبيّ وأنا أبكي فقال : ما لك يا عائشة؟ لعلك نفست (حضت) قلت : نعم ، والله لوددت أني لم أخرج معكم عامي هذا في هذا السفر! فقال : لا تقولي ذلك ، وإنّك تقضين كل ما يقضي الحاجّ إلّا أنك لا تطوفين بالبيت (٤).
__________________
(١) مغازي الواقدي ٢ : ١٠٩٢ ـ ١٠٩٧.
(٢) النسلان : سرعة الجريان بخطى متقاربة ، انظر مجمع البحرين ٥ : ٤٨٣.
(٣) المحاسن للبرقي (م ٢٧٤ ه) ٢ : ١٢٨ عن الصادق عليهالسلام.
(٤) ابن اسحاق في السيرة ٤ : ٢٤٨.