وكان محالّهم البيضاء والجبل والمستباح ، وكان بينهم وبين بني ضمرة حلف في المراعاة والأمان ، وأخصبت بلاد بني ضمرة وأجدبت بلاد أشجع ، فأرادوا أن يصيروا الى بلاد بني ضمرة ... فهابوا رسول الله أن يبعث إليهم من يغزوهم ، للموادعة التي كانت بينه وبين بني ضمرة ... وخافهم رسول الله أن يصيبوا من أطرافه شيئا فهمّ بالمسير إليهم ...
فبينما هو على ذلك إذ جاءت أشجع وهم سبعمائة ورئيسهم مسعود بن دخيلة فنزلوا شعب سلع ، وذلك في شهر ربيع الأول سنة ست. فدعا رسول الله اسيد بن حضير فقال له : اذهب في نفر من أصحابك حتى تنظر ما أقدم أشجع؟
فخرج اسيد ومعه ثلاثة نفر من أصحابه فوقف عليهم فقال : ما أقدمكم؟ فقام إليه رئيسهم مسعود بن دخيلة فسلّم على اسيد وأصحابه وقال : جئنا لنوادع محمّدا.
فرجع اسيد الى رسول الله فأخبره ، فقال رسول الله : خاف القوم أن أغزوهم فأرادوا الصلح بيني وبينهم. ثم بعث إليهم بعشرة أحمال تمر فقدّمها أمامه ثم قال : نعم الشيء الهدية أمام الحاجة. ثم ذهب رسول الله إليهم فقال لهم : يا معشر أشجع ما أقدمكم؟ قالوا : قربت دارنا منك ، وليس في قومنا أقلّ عددا منّا ، فضقنا بحربك لقرب دارنا منك ، وضقنا بحرب قومنا لقلّتنا فيهم ، فجئنا لنوادعك.
فقبل النبيّ صلىاللهعليهوآله منهم ذلك ووادعهم ، فأقاموا يومهم ، ثم رجعوا الى بلادهم ونزلت فيهم هذه الآيات من سورة النساء : (اللهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللهِ حَدِيثاً* فَما لَكُمْ فِي الْمُنافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللهُ أَرْكَسَهُمْ بِما كَسَبُوا أَتُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللهُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً* وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَما كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَواءً فَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِياءَ حَتَّى يُهاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً* إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ أَوْ جاؤُكُمْ حَصِرَتْ