قلوبهما الى التظاهر عليه! هذا من جهة ، وبين أن يكون الله والملائكة بما فيهم جبرئيل وكذلك صالح المؤمنين أولياء متظاهرين له صلىاللهعليهوآله؟
وبالنظر الى ما مرّ من الأخبار المفشية بأن الحديث السرّ كان فيمن يتولّى الأمر بعده ، وليس تحريم مارية على نفسه فحسب ... أرى كأن الآية من قبيل دفع الدخل المقدّر أو الوهم المتوهم بأن المتولّين بعده أصلح المؤمنين ، فالآية تردّ على هذا الوهم بأن صالح المؤمنين ـ بتفسير رسول الله صلىاللهعليهوآله ـ بمعنى أصلح المؤمنين كما بين الشيخ الطوسي ، انما هو أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهالسلام ، وليس كل من يتولّى الأمر بعده صلىاللهعليهوآله.
والآيات الثلاث الأواخر في السورة من العاشرة حتى الثانية عشرة في ضرب المثل بامرأتين كافرتين فهما في الحقيقة زوجتان لعبدين صالحين هما نوح ولوط ، خانتاهما ـ في غير أمر الفراش ـ «فلم يغنيا عنهما من الله شيئا ، وقيل : ادخلا النار مع الداخلين» ثم ضرب المثل بامرأتين مؤمنتين احداهما صدّيقة : «صدّقت بكلمات ربّها وكتبه ، وكانت من القانتين» وهي مريم ابنة عمران ، والاخرى امرأة فرعون والتي آمنت بظلمه وبربّها وجنّته ، وانما اعلنت ايمانها في أواخر ايام حياتها داعية ربّها أن ينجّيها من فرعون ومن سائر الظالمين.
ونقل الطبرسي عن مقاتل قوله : يقول الله سبحانه لعائشة وحفصة : لا تكونا بمنزلة امرأة نوح وامرأة لوط في المعصية! وكونا بمنزلة امرأة فرعون ومريم (١).
وقبله نقل الطوسي عن الفرّاء قال : هذا مثل ضربه الله تعالى لعائشة وحفصة ، وبيّن أنّه لا يغنيهما ولا ينفعهما مكانهما من رسول الله إن لم يطيعا الله ورسوله ، ويمتثلا أمرهما ، كما لم ينفع امرأة نوح وامرأة لوط كونهما تحت نبيّين ، وفي
__________________
(١) مجمع البيان ١٠ : ٤٧٩.