اخت رسول الله من الرضاعة ، وهم منهزمون ، فساقوهم بعنف ، فقالت لهم : اعلموا ـ والله ـ اني لاخت صاحبكم من الرضاعة! فلم يصدّقوها ، حتى أتوا بها إلى رسول الله. فقالت : يا رسول الله ، إنّي اختك من الرضاعة. قال : وما علامة ذلك؟ قالت : عضّة عضضتنيها في ظهري وأنا متورّكتك (حاملتك على وركي). فعرف رسول الله العلامة ، فبسط لها رداءه فأجلسها عليه (١) وقال لها :
إن أحببت فعندي محبّة مكرّمة ، وإن أحببت أن امتّعك (متاعا) وترجعي إلى قومك فعلت. فقالت : بل تمتّعني وتردّني إلى قومي. فأعطاها جارية ، وأكرمها بغلام مكحول (٢).
وزاد الواقدي : أنها أسلمت ، وكلّمها النسوة في بجاد ، فرجعت إليه فكلّمته أن يعفو عنه ويهبه لها. وسألها عمّن بقي منهم؟ فأخبرته بعمّها أبي برقان وأخيها واختها ، فأمر لها ببعيرين ، ثم قال لها : ارجعي إلى الجعرّانة تكونين مع قومك (٣).
قال ابن اسحاق : وأخذ عيينة بن حصن من هوازن عجوزا وقال : انّي لأحسب لها في الحيّ نسبا فعسى أن يعظم فداؤها!
__________________
(١) وعن ابن اسحاق في إعلام الورى ١ : ٢٣٩ : فنزع النبيّ برده فبسطه لها فأجلسها عليه.
(٢) ابن اسحاق في السيرة ٤ : ١٠٠ ، ١٠١.
(٣) مغازي الواقدي ٢ : ٩١٤ وتمامه : فلما رجع من الطائف إلى الجعرّانة أعطاها نعما وشاء لها ولمن بقي من أهل بيتها. وفي خبره : أنه سألها عن أمه وأبيه من الرضاعة ، فأخبرته بموتهما ، ودمعت عيناه ٢ : ٩١٣ بينما مرّ عنه في آخر أخبار فتح مكة عن أبي الحصين قال : قدمت عليه صلىاللهعليهوآله خالته أو عمته من بني سعد وانتسبت له فعرفها ، وجعل يسائلها عن حليمة فأخبرته أنها توفيت ، فذرفت عينا رسول الله ، ثم سألها عمّن بقي منهم فقالت : اخواك واختاك .. ٢ : ٨٦٩ وعليه فقد علم بوفاة مرضعته حليمة السعدية ، وانما أخبرته اخته الشيماء هنا عن ابيه وأبيها الحارث بن عبد العزّى.