راغب إلى الله تعالى في ذلك (١). فقال لي أبو سفيان : فما نصنع باللات والعزّى؟! فقال عمر : اسلح عليهما (٢). فقال له أبو سفيان : افّ لك! ما أفحشك يا عمر! ما يدخلك في كلامي وكلام ابن عمي!
ثم قال أبو سفيان : يا رسول الله ، إني احبّ أن تأذن لي إلى قومك فانذرهم وأدعوهم إلى الله ورسوله! فأذن له رسول الله. فقال أبو سفيان للعباس : كيف أقول لهم؟ بيّن لي من ذلك أمرا يطمئنّون إليه. فقال له رسول الله : تقول لهم : من قال : لا إله إلّا الله وحده لا شريك له ، وأنّ محمدا رسول الله ، وكفّ يده ، فهو آمن! ومن جلس عند الكعبة ووضع سلاحه فهو آمن! فقلت : يا رسول الله ، إنّ أبا سفيان رجل يحبّ الفخر ، فلو خصصته بمعروف! فقال صلىاللهعليهوآله : من دخل دار أبي سفيان فهو آمن! قال أبو سفيان : داري؟! قال : دارك. ثم قال : ومن أغلق بابه فهو آمن!
فقام أبو سفيان ومضى لوجهه. فقلت للنبيّ : يا رسول الله ، إنّ أبا سفيان رجل من شأنه الغدر ، وقد رأى من المسلمين تفرّقا. فقال لي رسول الله : فادركه واحبسه في مضيق الوادي حتى تمرّ به جنود الله. فلحقته فناديته : يا أبا حنظلة! فوقف وقال : أغدرا يا بني هاشم؟! فقلت له : ستعلم أن الغدر ليس من شأننا ، ولكن اصبح حتى تنظر إلى جنود الله (٣).
وعليه فان العباس استصحب أبا سفيان تلك الليلة معه إلى خيمته.
وهنا روى الصدوق مرسلا في «كمال الدين» : أن أبا سفيان قال في نفسه :
__________________
(١) مغازي الواقدي ٢ : ٨١٦.
(٢) سلح : أي سلخ أوساخه وقذاراته.
(٣) كمال الدين : ٣١٢ ط النجف الأشرف.