وعرباض بن سارية (١) فنفروا من بلادهم وحشّدوا : تسعمائة أو ألفا ، وهم على الخيول جميعا ، مع كل رجل رمحه وسلاحه ، ومعهم الرسولان إليهم ، ولواءان وخمس رايات سود مطوية غير معقودة. وتقدم عيينة بن الحصن فنادى النبيّ من خلفه : أنا عيينة! هذه بنو سليم قد حضرت بما ترى من العدة والعدد والسلاح ، وإنهم لأحلاس الخيل (٢) ورجال الحرب ، ورماة الحدق (٣).
وقال قائلهم : يا رسول الله ، إنك تقصينا وتستغشّنا ونحن أخوالك (٤) فقدّمنا يا رسول الله ، حتى تنظر كيف بلاؤنا ، فانا صبر عند الحرب صدق عند اللقاء ، فرسان على متون الخيل ، فاعقد لنا (لواء) وضع رايتنا حيث رأيت. فقال صلىاللهعليهوآله : يحمل رايتكم اليوم من كان يحملها في الجاهلية ، فما فعل فتى كان حسن الوجه جيّد اللسان كان قد قدم مع وفدكم عليّ؟ قالوا : مات (٥).
فسلّم رايتهم إلى رسوله إليهم [الحجاج بن علاط السّلمي (٦)] وعقد لواءين لهم فلواء يحمله عباس بن مرداس ، ولواء يحمله خفاف بن ندبة (٧) ثم جعلهم مقدمته مع خالد بن الوليد حتى بلغوا مرّ الظهران (٨). فلما رأى عيينة ذلك عضّ على أنامله! فقال له أبو بكر : علام تندم؟ قال : على قومي أن لا يكونوا نفروا مع محمد فأين
__________________
(١) مغازي الواقدي ٢ : ٧٩٩.
(٢) الأحلاس جمع الحلس ، وهو جلّ الفرس والبعير.
(٣) أي يرمون حدق العيون.
(٤) ذلك أن أم هاشم بن عبد مناف هي عاتكة بنت مرّة بن هلال السّلمي من بني سليم.
(٥) مغازي الواقدي ٢ : ٨١٢ ، ٨١٣.
(٦) المواهب اللدنيّة ٢ : ٣٦٤ عن الواقدي.
(٧) مغازي الواقدي ٢ : ٨١٩.
(٨) مغازي الواقدي ٢ : ٨١٣ وانظر : ٨١٩.