فسار إبراهيم عليهالسلام حتّى نزل بأعلى الشامات وقد خلّف لوطا عليهالسلام في أدنى الشامات.
ثمّ إنّ إبراهيم عليهالسلام لمّا أبطأ عليه الولد قال لسارة : لو شئت لبعتني هاجر لعلّ الله أن يرزقنا منها ولدا فيكون لنا خلفا؟! فابتاع إبراهيم عليهالسلام هاجر من سارة فتزوّج بها ، فولدت إسماعيل عليهالسلام (١).
وروى علي بن إبراهيم القمّي في تفسيره عن أبيه عن هشام عن أبي عبد الله الصادق عليهالسلام قال :
إنّ إبراهيم عليهالسلام كان نازلا في بادية الشام ، فلمّا ولد له من هاجر إسماعيل اغتمّت سارة من ذلك غمّا شديدا لأنّه لم يكن له منها ولد ، فكانت تؤذي إبراهيم في هاجر وتغمّه ، فشكى إبراهيم ذلك إلى الله عزوجل ، فأوحى الله إليه ، إنّما مثل المرأة مثل الضلع الأعوج ، إن تركتها استمتعت بها وإن أقمتها كسرتها. ثمّ أمره أن يخرج إسماعيل وامّه ، فقال : يا ربّ إلى أيّ مكان؟ قال : إلى حرمي وأمني وأوّل بقعة خلقتها من الأرض وهي مكّة. فأنزل الله عليه جبرئيل بالبراق فحمل هاجر وإسماعيل. وكان إبراهيم لا يمرّ بموضع حسن فيه شجر ونخل وزرع إلّا قال : يا جبرئيل إلى هاهنا؟ إلى هاهنا؟ فيقول : لا ، امض ، امض ، حتّى أتى مكة ، فوضعه في موضع البيت.
وقد كان إبراهيم عليهالسلام عاهد سارة : أن لا ينزل حتّى يرجع إليها ، فلمّا نزلوا في ذلك المكان كان فيه شجرة ، فألقت هاجر على ذلك الشجر كساء كان معها فاستظلّوا تحته ، فلمّا سترهم ووضعهم وأراد الانصراف منهم إلى سارة قالت له هاجر : يا إبراهيم لم تدعنا في موضع ليس فيه أنيس ولا ماء ولا زرع؟!
__________________
(١) روضة الكافي : ٣٠٤ ـ ٣٠٦ ط النجف الأشرف ، وانظر تفسير القمي ١ : ٢٠٦ ، ٢٠٧ ط النجف الأشرف.