ثمّ تشاوروا فأجمعوا أمرهم على أن يقتلوه ، يخرجون من كل بطن منهم بشاب فيضربونه بأسيافهم جميعا (١).
وروى الصدوق في «الخصال» بسنده عن جابر الجعفي عن الباقر عن علي عليهالسلام قال : إنّ قريشا لم تزل تجيل الآراء وتعمل الحيل في قتل النبيّ حتّى كان آخر ما اجتمعت عليه في يوم الدار دار الندوة ... فلم تزل تضرب أمرها ظهرا لبطن حتّى اجتمعت آراؤها على أن ينتدب من كلّ فخذ من قريش رجل ، ثمّ يأخذ كلّ رجل منهم سيفه ثمّ يأتي النبيّ وهو نائم على فراشه ، فيضربونه جميعا بأسيافهم ضربة رجل واحد فيقتلوه ، فاذا قتلوه منعت قريش رجالها ولم تسلمهم ، فيمضي دمه هدرا (٢).
وقال القمي في تفسيره : اجتمعوا في دار الندوة ، وكان لا يدخل دار الندوة الّا من أتى عليه أربعون سنة ، فدخلوا أربعون رجلا من مشايخ قريش.
وجاء ابليس في صورة شيخ كبير ، فقال له البوّاب : من أنت؟ فقال :
أنا شيخ من أهل نجد (٣) ، لا يعدمكم مني رأي صائب ، إني حيث بلغني اجتماعكم في أمر هذا الرجل جئت لاشير عليكم. فقال الرجل : ادخل ، فدخل ابليس.
فلمّا أخذوا مجلسهم قال أبو جهل : يا معشر قريش ، إنّه لم يكن أحد من العرب أعزّ منّا ، نحن أهل الله تغدوا إلينا العرب في السنة مرتين ، ويكرموننا ، ونحن في حرم الله لا يطمع فينا طامع ، فلم نزل كذلك حتّى نشأ فينا محمّد بن عبد الله ،
__________________
(١) تفسير العياشي ٢ : ٥٤.
(٢) الخصال : ٣٦٧.
(٣) نقل السهيلي في (الروض الانف) عن بعض أهل السيرة أنهم قالوا : لا يدخلن معكم في المشاورة أحد من أهل تهامة لأن هواهم مع محمّد ، فلذلك تمثل لهم ابليس في صورة شيخ نجدي. كما عنه في هامش ابن اسحاق في السيرة٢ : ١٢٤ ، والخبر في السيرة عن ابن عباس.