البيعة على «بيعة الحرب» لم يكن طلبا قد تقدّم به الى القوم من ذي قبل بل كأنّه فاجأهم أو فاجأ جمعهم بذلك.
وتتقارب مقالة العباس بن عبادة مع مقالة العباس بن عبد المطلب ، وكلاهما يريد شدّ العقد لرسول الله ويتوثق له ، فيقول أحدهم : وإن كنتم ترون أنكم مسلموه وخاذلوه فمن الآن فدعوه. ويقول الآخر : فان كنت ترون أنكم اذا ... أسلمتموه فمن الآن. وكلّ من المقالتين للرّجلين في روايتين ، ولا تجمعهما رواية واحدة. فهل كان كلاهما؟ أو أحدهما؟ وان كان أحدهما فهل هو العباس بن عبادة أو العباس بن عبد المطّلب؟
وهل صحيح ما جاء فيما روي عن العباس عمّ النبيّ صلىاللهعليهوآله أنّه في عزّ من قومه ومنعة في بلده؟! وأنّه قد منعه عن قومه ممن هو على مثل رأيه؟! كما في النص. وهل صحيح أنّه : أبى الا الانحياز الى الخزرج واللحوق بهم؟! وهل كانت هجرته مجاهرا بها منذ بيعة العقبة الثانية؟! بل يقول ابن اسحاق : وأقام رسول الله بمكّة ينتظر أن يأذن له ربّه في الخروج والهجرة من مكّة الى المدينة (١).
أم أن الصحيح هي رواية عاصم بن عمر بن قتادة عن أشياخ قومه ورواية عبد الله بن أبي بكر ، وأن المتكلم كان العباس بن عبادة ، لا العباس بن عبد المطّلب على رواية معبد بن كعب. ولا ننسى أن هذه السيرة لابن اسحاق اختصره من كتابه الكبير في التاريخ الّذي صنّفه للمهديّ بن المنصور العبّاسي بأمر المنصور (٢).
__________________
(١) ابن اسحاق في السيرة ٢ : ١١١.
(٢) مقدمة ابن اسحاق في السيرة١ : ط ، ي. وزاد عليه اليعقوبي ـ مولى بني العباس ـ فقال : قال العباس للنبيّ : دعني فداك أبي وأمي آخذ العهد عليهم ، فجعل ذلك إليه ، فأخذ عليهم العهود والمواثيق. اليعقوبي ٢ : ٣١.