فانصرف رسول الله حزينا لمّا رأى من قومه ، فأنزل الله سبحانه الآيات (١) وذكر مختصره ابن شهرآشوب في «المناقب» (٢).
ومنها قوله سبحانه : (وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها وَابْتَغِ بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلاً)(٣) روى العياشي عن زرارة وحمران ومحمّد بن مسلم عن الباقر والصادق عليهماالسلام قالا : كان رسول الله صلىاللهعليهوآله اذ كان بمكّة يجهر بصلاته فيعلم بمكانه المشركون فكانوا يؤذونه ، فانزلت هذه الآية عند ذلك (٤) وكأنّ في قولهما عليهماالسلام «اذ كان بمكّة» إشعار بأن ذلك كان في حالة خاصة ، وليس مطلقا.
والى هذه الرواية من العياشي يشير الطبرسي يقول : روي عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهماالسلام : أن النبيّ صلىاللهعليهوآله كان اذا صلّى فجهر في صلاته تسمّع له المشركون وذلك بمكّة في أوّل الأمر ، فيؤذونه ويشتمونه ، فأمره سبحانه بترك الجهر (٥).
وروى الطوسي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس : أنّ النبيّ كان اذا صلّى جهر في صلاته بمكّة في أوّل الأمر ، فيسمعه المشركون فيشتمونه ويؤذونه وأصحابه ، فأمر الله بترك الجهر (٦) ورواه عن ابن عباس ابن اسحاق في سيرته (٧)
__________________
(١) مجمع البيان ٦ : ٦٧٨ ، ٦٧٩. ورواه السيوطي في الدر المنثور ٣ : ٢٠٢ وكذلك رواه سببا لنزول الآيتين ٧ و ٨ من سورة الفرقان ٥ : ٦٣ ، وكلاهما عن ابن عبّاس والقصّة واحدة. وأخبار النزول هكذا مضطربة ومشوّشة.
(٢) مناقب ابن شهرآشوب ١ : ٥٥.
(٣) الإسراء : ١١٠.
(٤) تفسير العياشي ٢ : ٣١٨.
(٥) مجمع البيان ٦ : ٦٨٩.
(٦) التبيان ٦ : ٥٣٤.
(٧) سيرة ابن اسحاق ١ : ٣٣٥.