ولا يدري ما وجعه. فبينا رسول الله ذات ليلة نائم إذ أتاه ملكان فجلس أحدهما عند رأسه والآخر عند رجليه فقال الأوّل للثاني : ما وجعه؟ قال : مطبوب (أي مسحور) قال : من طبّه؟ قال : لبيد ابن أعصم؟ قال : بم طبّه؟ قال : بمشط ومشاطة وجفّ طلعة نخل ذكر بذي أروان (بئر) وهي تحت راعوفة البئر (الصخرة على فم البئر).
فلمّا أصبح رسول الله غدا ومعه أصحابه الى البئر فنزل رجل (؟) فاستخرج الجف ، فإذا فيها مشط رسول الله ومن مشاطة رأسه (شعر رأسه) واذا تمثال من شمع تمثال رسول الله واذا فيها ابر مغروزة ، واذا وتر فيه احدى عشرة عقدة. فأتاه جبرئيل بالمعوّذتين فقال : يا محمّد (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ) وحلّ عقدة ، (مِنْ شَرِّ ما خَلَقَ) ، وحلّ عقدة ، حتّى فرغ منها وحل العقد كلها ، وجعل لا ينزع ابرة الّا يجد لها ألما ثمّ يجد بعد ذلك راحة ، فقيل : يا رسول الله لو قتلت اليهودي؟! فقال : قد عافاني الله ، وما وراءه من عذاب الله أشد (١).
وقد قالوا : انّ أوهى الطرق الى ابن عباس هو طريق الكلبي عن أبي صالح عنه (٢) وابن عباس رواه عن عائشة ، وان أوهم الطبرسي فقال : عن ابن عباس وعائشة (٣) ولكن عائشة من أين علمت وأخبرت عن الملكين؟ ونجد الجواب فيما رواه الشيخان في الصحيحين عنها قالت : سحر رسول الله رجل من يهود بني زريق يقال له : لبيد بن الأعصم ، حتّى كان يخيّل إليه أنّه يفعل الشيء وما يفعله! حتّى اذا كان ذات يوم أو ذات ليلة دعا رسول الله ثمّ دعا ثمّ دعا. ثمّ قال : يا عائشة : جاءني رجلان فقعد أحدهما عند رأسي والآخر عند رجلي ، فقال الّذي
__________________
(١) كما في الدر المنثور ٦ : ٤١٧.
(٢) الإتقان ٢ : ١٨٩.
(٣) مجمع البيان ١٠ : ٨٦٥.