لا نجد فيما بأيدينا من رواة الخبر مباشرا آخر. ولعلّه لدفع وهم عدم اشتهار القصّة قال الشيخ الطبرسي في «مجمع البيان» : وقد فعل ذلك النبيّ واشتهرت القصّة بذلك عند الخاص والعام.
ثمّ أورد عن الثعلبي في تفسيره الخبر المأثور عن البراء بن عازب الأنصاري ـ وهو ثالث صحابيّ راو للخبر غير مباشر فيه ـ قال : لمّا نزلت هذه الآية جمع رسول الله بني عبد المطّلب ـ وهم يومئذ أربعون رجلا ـ الرجل منهم يأكل المسنّة (الجفرة) ويشرب العس. فأمر عليّا عليهالسلام برجل شاة فأدّمها (١) ، ثمّ قال : ادنوا بسم الله ، فدنا القوم عشرة عشرة فأكلوا حتّى صدروا ، ثمّ دعا بقعب (٢) من لبن فجرع منه جرعة ثمّ قال لهم : اشربوا بسم الله ، فشربوا حتّى رووا.
فبدرهم أبو لهب فقال : هذا ما سحركم به الرجل. فسكت يومئذ ولم يتكلّم. ثمّ دعاهم من الغد على مثل ذلك من الطعام والشراب ، ثمّ أنذرهم رسول الله فقال : يا بني عبد المطّلب! انّي أنا النذير إليكم ـ من الله عزوجل ـ والبشير ، فأسلموا وأطيعوني تهتدوا ، ثمّ قال : من يؤاخيني ويؤازرني ويكون وليي ووصيي بعدي وخليفتي (في أهلي) يفضي ديني ، فسكت القوم ، فأعادها ثلاثا كلّ ذلك يسكت القوم ويقول علي عليهالسلام : أنا. فقال المرّة الثالثة : أنت. فقام القوم وهم يقولون لأبي طالب : أطع ابنك فقد أمّره عليك؟! (٣).
ولا يمتاز الخبر عن الأوّلين بشيء سوى ما يمكن أن يجمع به بين عددي المدعوّين في الخبرين : العشرة والأربعين ، وذلك أنّ ابن عازب قال : فدنا القوم عشرة عشرة. وقد قال من قال : وهم يومئذ أربعون رجلا.
__________________
(١) أدّمها : صنع منها أداما أي طعاما.
(٢) القعب : إناء من خشب للسوائل.
(٣) مجمع البيان للطبرسي ٧ : ٣٢٢ عن تفسير الثعلبي.