الدليل الثاني الذي ذكره الشيخ الأنصاري قدسسره (١) للزوم كون القيد قيدا للمادّة لبّا : أنّه ذكر أنّ الإنسان إذا تصوّر شيئا ، فإمّا أن يطلبه أو لا يطلبه ، لا كلام على الثاني ؛ لأنّها حينئذ سالبة بانتفاء الموضوع ؛ إذ لا طلب كي يقال إنّه مطلق أو مشروط.
وعلى الأوّل فإمّا أن يطلبه على جميع تقاديره أو على تقدير خاصّ ، لا كلام على الأوّل ؛ إذ يكون وجوبه مطلقا ، فلا قيد كي يتنازع في رجوعه إلى المادّة أو الهيئة.
وعلى الثاني فإمّا أن يكون ذلك التقدير أمرا اختياريا أو لا.
وعلى الأوّل إمّا أن يكون موردا للتكليف أم لا. وجميع هذه التقادير في هذا الحصر العقلي القيد فيها راجع إلى المادّة ، فأين يكون رجوع القيد إلى الهيئة كما ذكرت؟
وظاهر الآخوند قدسسره تسليم ما ذكره في هذا الحصر (٢) إلّا أنّه سلّم في كون الحكم من ناحية المقتضي كما ذكره الشيخ ، إلّا أنّه ادّعى أنّه ربما يحصل مانع يمنع تأثير المقتضي للحكم ، فزعم أنّ الواجب المشروط كلّه ممّا اقترن مقتضيه بالمانع من الطلب الفعلي ، فعلّق الطلب فيه على حصول الشرط.
ثمّ قال : هذا بناء على تبعيّة الأحكام لمصالح فيها في غاية الوضوح ، وأمّا على تقدير كون المصالح في المأمور به والمنهيّ عنه فيشكل.
ثمّ ذكر أنّ ذلك في المأمور به الواقعي لا الظاهري ، ومنع عن فعليّة الواقعي ، ونظّر له بعدم فعليّة كثير من الأحكام في أوّل البعثة ، بل وفي زماننا هذا إلى ظهور القائم ، مع كون حلال محمّد صلىاللهعليهوآله حلالا إلى يوم القيامة ... الخ (٣).
__________________
(١) مطارح الأنظار ١ : ٢٦٧.
(٢) كفاية الاصول : ١٢٢.
(٣) المصدر السابق : ١٢٤.