[المقدّمة المفوّتة]
بقي الكلام في شيء ذكره الميرزا النائيني قدسسره وهو أنّ المقدّمة التي لا يتمكّن منها في زمان الواجب فهل يجب الإتيان بها قبل زمان الواجب أم لا؟ وهل يجب حفظها لو كانت موجودة أم لا (١)؟ وليعلم أنّ الوجوب المبحوث عنه في المقام ليس هو الوجوب المقدّمي ؛ ضرورة عدم تحقّقه قبل وجوب ذي المقدّمة ، إنّما الكلام في وجوب عقلي آخر وعدمه.
وهذا المطلب لم يتعرّض له الاصوليّون غير الميرزا ، وإنّما تعرّض له الفقهاء في بعض الموارد الخاصّة لا قاعدة كليّة ، في ما لو كان عنده ماء قبل الوقت وعلم بعدم الماء بعد الوقت فهل يجب عليه حفظ الماء إلى ما بعد الوقت أم لا؟ وفي من استطاع في غير موسم الحجّ فهل يجب عليه إبقاء استطاعته إلى أيّام الموسم أم لا؟ وفي من عنده عصا يتوكّأ عليها في الصلاة فهل يجوز له إتلافها قبل وجوب الصلاة عليه؟ وغيرها من الموارد الجزئية.
فنقول : أمّا إذا كان الوجوب فعليّا والقيد إنّما هو للواجب فكان القيد شرطا في استيفاء المصلحة لا ثبوتها ، فلا ريب في وجوب المقدّمة فعلا حينئذ ، ولا ريب في ذلك ، لكنّه لا بدّ من دلالة الدليل على كون الواجب من قبيل الواجب المعلّق كما دلّ الدليل عليه في الحجّ ، فإنّ المستطيع يجب عليه الحجّ بمقتضى الآية ، ولكن زمان وقوع الحجّ متأخّر إلى أشهر الحجّ.
وبالجملة ، فلا بدّ من دلالة الدليل على كون الواجب معلّقا ليكون الوجوب فعليّا ، فإنّ صرف إمكان الواجب التعليقي لا يجدي في وقوعه.
ولا يخفى أنّ هذا خارج عن محلّ الكلام ؛ إذ الكلام في الواجب المشروط الذي لم يكن وجوبه فعليّا. وإن كان الوجوب مشروطا فهو يقع على أنحاء.
__________________
(١) أجود التقريرات ١ : ٢١٧.