في أنّ الأمر متعلّق بالطبائع أو بالأفراد؟
وقبل الخوض في ذلك لا بدّ من ذكر المباني لهذا النزاع ليعلم معنى النزاع ونقطة الخلاف فإنّهم متّفقون على أنّ الطبائع من حيث هي لا تصلح أن تكون متعلّقة للطلب ؛ لأنّ الطبائع من حيث هي ليست إلّا هي. وكما أنّهم متّفقون أيضا على أنّ مفاد الأمر طلب الإيجاد وأنّ الأمر لا يتوجّه نحو الطبيعة الموجودة ؛ لأنّه طلب الحاصل. فإذا عرفنا هذين الاتّفاقين فيقع الكلام في مباني هذا النزاع :
فنقول : يمكن أن يكون مبنى هذا النزاع هو أنّ الكلّي الطبيعي موجود في الخارج بوجود الأفراد أو أنّه ليس موجودا وإنّما الموجود في الأفراد الخارجيّة حصص منه ، فبناء على وجود الكلّي الطبيعي في الخارج بدليل صحّة حمله على الفرد المستدعية للاتّحاد بحسب الوجود ؛ لعدم الاتّحاد المفهوميّ بينهما فالأمر على ظاهره من كونه متعلّقا بالطبيعة ؛ ضرورة أنّ مفاد الهيئة ولو التزاما طلب الوجود ومفاد المادّة الطبيعة. وبناء على عدم وجود الكلّي الطبيعي في الخارج يعدل عن ظاهر الخطاب بهذه القرينة وهي استحالة وجود الطبيعة ويقال بأنّ المطلوب هو الفرد ، وإنّما عبّر بالطبيعة للاقتصار ولبيان أن لا خصوصيّة لفرد من الأفراد. وهذا المبنى مبنى حسن.
ويمكن أن يكون مبنى المسألة ما ذكره الميرزا النائيني قدسسره : من أنّه بناء على أنّ الطبيعة موجودة بوجود الأفراد فهل التشخّص في مرتبة سابقة على الوجود اعتمادا على أنّ الشيء ما لم يتشخّص لم يوجد أو أنّ تشخّصه بنفس الوجود ، فعلى الأوّل لا بدّ من كون الأمر متعلّقا بالأفراد ، وعلى الثاني لا بدّ من تعلّقه بالطبائع (١) ، وبما أنّه اختار أنّ التشخّص بنفس الوجود اختار تعلّق الأمر بالطبائع.
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ٣٠٧.