وقد يكون وسطا فيوجب الشكّ في صدق المقسم عليه كما في ماء الزاج والكبريت ، فإنّه يوجب الشكّ في صدق الماء في : خلق الله الماء طهور لا ينجّسه شيء (١) عليه ، وهذا هو ما اصطلح الشيخ الأنصاري عليه بالشكّ في الصدق (٢) ، وهذا أيضا مانع عن التمسّك بالإطلاق للشكّ في ورود الحكم على المقسم حينئذ ، ومع الشكّ فيه لا يمكن التمسّك بالإطلاق. فالإنصاف أنّ مقدّمات الحكمة ثلاثة : ورود الحكم على المقسم ، مع إمكان التقييد ، وأن يكون المولى في مقام البيان وعدم ذكر المقيّد وحينئذ فالإطلاق محكّم.
في حمل المطلق على المقيّد
إذا ورد مطلق ومقيّد فإمّا أن يكونا مثبتين ، أو منفيّين ، أو متخالفين بأن كان المطلق مثبتا والمقيّد منفيّا. والكلام يقع في مقامين ، أحدهما : أن يكون الحكم بنحو صرف الوجود ، والثاني : أن يكون الحكم بنحو مطلق الوجود.
والأوّل منحصر بما إذا كان مثبتين أو متخالفين ، أمّا الثاني فبما إذا كانا منفيّين.
وحينئذ فيقع الكلام فيما إذا كان الحكم بنحو صرف الوجود فنقول : أمّا إذا كانا متخالفين كما إذا قيل : أعتق رقبة ولا تعتق رقبة كافرة ، فالظاهر الاتّفاق على حمل المطلق على المقيّد بغير خلاف يعرف بينهم. وأمّا إذا كانا مثبتين كما في «أعتق رقبة ، وأعتق رقبة مؤمنة» فمحلّ للقيل والقال ، ولم نعرف حتّى الآن السبب الذي دعا إلى الاختلاف في صورة الإثبات ، والاتّفاق في صورة اختلافهما إثباتا ونفيا.
وكلّ ما ذكر في صورة الاتّفاق : من احتمال كون المقيّد من باب أنّه أفضل الأفراد المعبّر عنه بالاستحباب في كلماتهم ومن كون ظهور الأمر في التعيين أقوى من ظهور
__________________
(١) الوسائل ١ : ١٠١ ، الباب الأول من أبواب الماء المطلق ، الحديث ٨.
(٢) انظر الطهارة للشيخ الأنصاري ١ : ٦٧ ـ ٦٨.