الرجل الشجاع قطعا إلّا أنّ العرف يفهم أنّ الأسد الذي رآه اليوم هو الذي كلّمه ولا يتوقّف في ذلك ، وحينئذ فكون المراد من الضمير متّحدا مع المراد من مرجعه أمر عرفي لا يتوقّفون فيه ، فإذا علمنا المراد من الضمير وأنّه الخاصّ فبهذه القاعدة يفهم العرف كون المراد من العموم هو الخصوص في الاستعمال ، ويقدّم هذا الظهور على أصالة العموم. وحينئذ فحيث يدور الأمر بين الاستخدام والتخصيص يتقدّم أصالة عدم الاستخدام المراد بها أصالة اتّحاد المراد من الضمير ومرجعه الذي هو أمر عرفي يقدّم عندهم على أصالة العموم والإطلاق والحقيقة وغيرها ، هذا كلّه في الكبرى الكلّية.
وأمّا الآية المباركة فليست من صغريات المسألة ؛ لأنّ الضمير لم يرد به ما يغاير العموم ، بل المراد به نفس العموم السابق ، وعدم جواز رجوع أزواج غير الرجعيّات خارج بالدليل المخصّص الرافع للإرادة الجدّية دون الاستعماليّة ، فافهم.
في تخصيص العموم بمفهوم الموافقة والمخالفة
ذكر في الكفاية اتّفاقهم على جواز تخصيص العامّ بمفهوم الموافقة ، واختلافهم في مفهوم المخالفة على قولين ، وأنّهم استدلّوا لكلّ من القولين بما لا يخلو عن قصور. ثمّ ذكر هو أنّ العموم والمفهوم إن كانا بمقدّمات الحكمة فلا ريب في عدم حجّيتهما ؛ لعدم إحراز عدم بيان المولى لصلاحية كلّ منهما أن يكون بيانا للآخر وإن كانا بالوضع فكذلك ؛ لتعارضهما وتساقطهما لو لم يكن أحدهما أظهر فيرجع إلى الاصول العمليّة هذا إذا كان المخصّص متّصلا وإن كان منفصلا فهو مجمل لو لم يكن أحدهما أظهر فيكون قرينة التصرّف في الآخر (١).
__________________
(١) كفاية الاصول : ٢٧٢ ـ ٢٧٣.