في التزاحم والتعارض :
ذكر الميرزا النائيني قدسسره (١) أنّ بعضهم ذكر التزاحم والتعارض وأصّل أصلا في مقام دوران الأمر بينهما. ثمّ ذكر الميرزا النائيني في مقام الردّ عليه أنّه لا جامع بينهما كي يدور الأمر بينهما ، فهو نظير أن يقال هل الأصل في الأشياء الطهارة أم الأصل البطلان في البيع الفضولي؟ فلا يمكن تصادقهما على مورد ما ليكون الأصل فيه التعارض أو التزاحم. وما ذكره قدسسره صحيح ومتين. فإنّه لا جامع بينهما إلّا مفهوم التنافي.
وتوضيح ذلك : أنّ التنافي إن كان في مقام الجعل بحيث كان صدق أحد الدليلين مستلزما لكذب الثاني وإنه غير مجعول فهو باب التعارض ، وهذا التنافي قد يكون بالذات وقد يكون بالعرض :
فالأوّل كأن يدلّ دليل على جزئيّة السورة في الصلاة ، ويدلّ دليل على عدم الجزئية ، فإنّ الجزئيّة وعدمها لا يمكن جعلهما في الشريعة المقدّسة ذاتا ؛ للزوم جمع الضدّين.
والثاني كأن يدلّ الدليل على وجوب الجمعة يوم الجمعة ويدلّ الدليل الآخر على وجوب الظهر يوم الجمعة ، فإنّ الإجماع على عدم وجوب صلاتين في يوم واحد أوقع التكاذب بين الدليلين بعد أن لم يكن بالذات ، فصدق أحدهما يستلزم كذب الآخر وإن لم يلزم من كذب أحدهما صدق الآخر ؛ لإمكان كذبهما معا ويكون الواجب صلاة اخرى غيرهما.
وأمّا التنافي في التزاحم فليس في مقام الجعل وإنّما هو في مقام الامتثال ، فإنّ جعل صلاة الكسوف على القادر لا ينافي جعل وجوب صلاة الظهر على القادر أيضا ، وإنّما التنافي بينهما في الامتثال إذا كان مضيّقا زمانهما بحيث لا يسع إلّا
__________________
(١) انظر أجود التقريرات ٢ : ٣٢.