في مفهوم الغاية
هل الجملة المغيّاة بغاية تدلّ على انتفاء الحكم عمّا بعد الغاية أم لا؟ ولا يخفى أنّ الجملة المغيّاة بغاية فيها نزاعان :
أحدهما : راجع إلى المنطوق ، وهو أنّ الغاية داخلة في المغيّا في الحكم أم خارجة عنه؟
الثاني : نزاع المفهوم.
ولنقدّم الكلام في الثاني ، فنقول : هل تدلّ الجملة المغيّاة بغاية على أنّ ما بعد الغاية أو أنّ الغاية وما بعدها محكوم بخلاف الحكم المذكور قبل الغاية أم لا تدلّ؟ قد ذكرنا في مفهوم الشرط ضابطة للقول بالمفهوم وعدمه ، وهو : أنّ القيد إن كان قيدا للحكم فلا بدّ من انتفاء الحكم عند انتفائه ، وإلّا لم يكن قيدا له وهو خلاف الفرض ، وإن كان قيدا للموضوع أو للمتعلّق فلا يدلّ على أزيد من حكم المنطوق ؛ إذ إثبات شيء لشيء لا يلزم منه نفيه عمّا عداه. وقد استظهرنا أنّ الشرط راجع إلى الحكم فحكمنا بحجّية المفهوم في الجملة الشرطيّة ، وأنّ القيد راجع إلى الموضوع أو المتعلّق في الجملة الوصفيّة ومن ثمّ لم نحكم فيها بحجيّة المفهوم.
ولكن مفهوم الغاية وسط فلا يمكن أن يدّعى ظهوره في أحد الأمرين بل يختلف باختلاف المقامات :
فإن علم رجوع القيد فيها إلى الموضوع أو المتعلّق مثل قوله : (فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ)(١) فإنّ اليد لمّا كانت قد تطلق على المجموع إلى الكتف وتطلق على بعضها كالكفّ والأصابع وإلى المرفق حدّد الموضوع فيها فحكم بوجوب غسل هذا الموضوع فلا تدلّ الجملة على نفيه عمّا عداه كمفهوم الوصف.
__________________
(١) المائدة : ٦.