الضدّ مقدّمة لفعل ضدّه ولا نقول به أيضا كما سيأتي. ولو سلّمنا هاتين المقدّمتين فقلنا بوجوب المقدّمة وقلنا بأنّ ترك الضدّ مقدّمة لوجود ضدّه إلّا أنّ النهي الناشئ من الأمر الغيري المتوجّه إلى نقيض المقدّمة أيضا غيري وسيأتي أنّه لا يدلّ على الفساد ؛ إذ الدالّ على الفساد إنّما هو النهي الناشئ عن مفسدة في الفعل وليس النهي التبعي كاشفا وسيأتي الكلام فيه.
في الأصلي والتبعي :
قد ذكر صاحب الكفاية قدسسره (١) امورا في مقدّمات بحث المقدّمة ؛ ذكر في الأوّل منها ما هو المهمّ في بحث المقدّمة وهو الملازمة. وذكر في الثاني أقسام المقدّمة. وفي الثالث أقسام الواجب. وفي الرابع تبعيّة الوجوب في المقدّمة إطلاقا واشتراطا لذي المقدّمة. ثمّ ذكر في هذا الأمر انقسام الواجب إلى الأصليّ والتبعيّ وكان ينبغي ذكره في الأمر الثالث الذي عقد لأقسام الواجب ، ونحن تبعا له نتعرّض لهما في المقام.
فنقول : الأصالة والتبعيّة إن فسّرا بالمقصود بالدلالة وعدمه كان التقسيم فيهما تابعا لمقام الدلالة والإثبات ، فكان الانقسام بلحاظهما ، ولا ريب في انقسام النفسي والغيري إليهما كما هو واضح.
وإن فسّرا بالمقصود بالإرادة وعدمه كان التقسيم تابعا لمقام الواقع والثبوت ، ولا ريب في انقسام الغيري إليهما. أمّا النفسي فقد ذكر صاحب الكفاية (٢) اختصاصه بالأصالة ؛ إذ وجوبه لا بدّ من أن يكون لمصلحة فيه ، ومعها لا يكون إلّا مقصودا بالإرادة ، والظاهر إمكان التبعي فيه ، كما إذا رأى المولى الجاهل لا الحكيم شخصا
__________________
(١) راجع للأوّل الكفاية : ١١٤ ، وللثاني : ١١٦ ، وللثالث : ١٢١ ، وللرابع : ١٤٢ ، ولتقسيم الواجب إلى الأصلي والتبعي : ١٥٢.
(٢) الكفاية : ١٥٢.