وكذا تستعمل فيما هو دون الجواهر والأعراض كما في قولك : اجتماع الضدّين في الخارج محال ، فلفظ «في» في المثال ربط بين الخارج وبين أيّ شيء؟
وبالجملة ، فقد تستعمل الحروف في أماكن لا يمكن تحقّق الربط والنسبة الرابطة ، إذ المراد بالنسبة النسبة الخارجيّة ، فتأمل.
(توضيح هذا الوجه الذي قد ذكره بعض مشايخنا المحققين (١) في توجيه وتوضيح المعنى الذي وضع له الحرف فذكر أنّ الوجود قسمان :
ـ وجود في نفسه وينقسم إلى وجود في نفسه لنفسه بنفسه وهو وجود الواجب ، ووجود في نفسه لنفسه إلّا أنّه بغيره كما في وجود الجواهر ، ووجود في نفسه لغيره بغيره وهو وجود العرض ، فهذه الثلاثة أقسام القسم الأول من قسمي الوجود وهو الوجود في نفسه.
ـ القسم الثاني هو الوجود في غيره وهو نحو من الوجود له تحقّق خارجي قطعا ، والبرهان على ذلك أنّه قد يكون المرء قاطعا بوجود زيد وقاطعا بوجود العلم إلّا أنّه شاكّ في ثبوت العلم لزيد ، ولا ريب في أنّ المشكوك غير المتيقّن وجودا ، فلهذا المشكوك فيه وجود يغاير وجود المتيقّن.
إذا عرفت هذه المقدّمة فاعلم : أنّ المعاني الاسمية هي المعاني الموضوعة بإزاء الموجودات في نفسها ، أمّا المعاني الموجودة في غيرها فقد وضعت الحروف لها ، فالحروف موضوعة للربط الخارجي بين المرتبطين ، فهي موضوعة للوجود الربطي وهو وجود خارجي نظير الوجود الرابطي إلّا أنّه غيره فيربط بين زيد وبين العلم ، وليست موضوعة لمفهوم الربط والنسبة ؛ لأنّها مفهوم موجود في نفسه وإنّما هي موضوعة لتلك النسبة الخارجيّة المتحقّقة بين زيد وبين العلم.
__________________
(١) الشيخ محمد حسين الأصفهاني ، بحوث في الاصول : ٢٥ ـ ٢٦.