وأمّا الثاني : فلوضوح أنّه ليس لنا في المسألة المبحوث عنها علم تفصيليّ بانتفاء الأمر الفعلي بالتسليم في الواقع ، إذ الواقع لا يخلو عن أمرين :
أحدهما : تماميّة كلتا الصلاتين في الواقع ، فهو مكلّف فعلا بالتسليم بنيّة إتمام العصر بتماميّة ركعاتها ، وحصول الترتيب بينها وبين الظهر.
الثاني : كون الظهر خمسا باطلة ، والعصر ثلاثة صحيحة ، فهو مكلّف بالعدول بها إلى الظهر ، وإضافة ركعة ثمّ التشهّد والتسليم بنيّة إتمام الظهر.
وعليه ، فانتفاء الأمر بالتشهّد والتسليم لا بنيّة العصر ، إنّما هو من لوازم المحتمل الثاني دون الأوّل. ومن الواضح أنّه احتمال بدوي ، فلا مانع من البناء على الأكثر بنيّة العصر ، مع التشهّد والتسليم فعلا بنيّتها ، لاحتمال الأمر بذلك في الواقع ، ولغويّة الاحتياط على هذا التقدير الذي قد عرفت أنّه ليس بأمر محذور.
فالحقّ في هذه المسألة : أنّ القاعدتان جاريتان في الصلاتين بلا معارضة ، ولا محذور في جريان الثانية ، ومعه فلا موجب للعدول فيما بيده إلى السابقة ، بل لا مجوّز له ؛ فإنّه مع حكم الشرع بفراغ الذمّة من الاولى ، وتحقّق شرط صحّة الدخول في الثانية ، لا يبقى في الثانية إلّا احتمال نقص الركعة ، وهو مكلّف بمقتضى أدلّة اعتبار القاعدة بعدم إبطال ما بيده ، وإتمامها عصرا بالتسليم فعلا ، والاحتياط منفصلا. ومن الواضح أنّ عدوله بها إلى الظهر ، وإن كان عدولا تقديريّا ، لكن إنّما يتحقّق على تقدير بطلان السابقة في الواقع ، إلّا أنّه موجب لرفع اليد عن نيّة امتثال أمر العصر بما بيده ، وكونه متردّدا غير جازم بالنيّة في إتمامها عصرا على تقدير تماميّة الصلاتين ، وعدم تحقّق العدول في الواقع ، فالعدول في الحقيقة إبطال