* س ٦١ : ما هو تفسير قوله تعالى :
(لَقَدْ أَخَذْنا مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ وَأَرْسَلْنا إِلَيْهِمْ رُسُلاً كُلَّما جاءَهُمْ رَسُولٌ بِما لا تَهْوى أَنْفُسُهُمْ فَرِيقاً كَذَّبُوا وَفَرِيقاً يَقْتُلُونَ) (٧٠) [المائدة:٧٠]؟!
الجواب / قال الشيخ الطبرسيّ : ثم أقسم سبحانه بأنه أخذ عليهما الميثاق فقال (لَقَدْ أَخَذْنا مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ) يريد الأيمان المؤكدة التي أخذها أنبياؤهم عليهم في الإيمان بمحمد ، والإقرار به. وقيل : أخذ ميثاقهم على الإخلاص في التوحيد ، والعمل بما أمر به ، والانتهاء عما نهى عنه ، والتصديق برسله ، والبشارة بمحمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ووجه الاحتجاج عليهم بذلك وإن كان أخذ الميثاق على آبائهم ، أنهم عرفوا ذلك في كتبهم ، وأقروا بصحته. فالحجة لازمة لهم ، وعتب المخالفة يلحقهم ، كما يلحق آباءهم (وَأَرْسَلْنا إِلَيْهِمْ رُسُلاً كُلَّما جاءَهُمْ رَسُولٌ بِما لا تَهْوى أَنْفُسُهُمْ) أي : مما لا تهوى أنفسهم ، أي : بما لا يوافق مرادهم (فَرِيقاً كَذَّبُوا وَفَرِيقاً يَقْتُلُونَ) أي : كذبوا طائفة ، وقتلوا طائفة.
فإن قيل : لم عطف المستقبل على الماضي؟
فجوابه : ليدل على أن ذلك من شأنهم ، ففيه معنى كذبوا وقتلوا ، ويكذبون ويقتلون ، مع أن قوله يقتلون فاصلة ، يجب أن يكون موافقا لرؤوس الآي ، ويمكن أن يقال التقدير فيه فريقا كذبوا لم يقتلوه ، وفريقا كذبوا يقتلون ، فيكون (يقتلون) صفة للفريق ، ولم يكن فيه عطف المستقبل على الماضي. وعلى الجواب الأول لم يكن كذبوا ويقتلون صفة للفريق ، لأن التقدير كذبوا فريقا ويقتلون فريقا (١).
__________________
(١) مجمع البيان : ج ٣ ، ص ٣٨٧.