* س ٧٨ : ما هو تفسير قوله تعالى :
(وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَما كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَواءً فَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِياءَ حَتَّى يُهاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً)(٨٩) [النساء:٨٩]؟!
الجواب / أقول : لقد تحدثت الآية السابقة عن المنافقين الذين كانوا يحظون بحماية نفر من المسلمين البسطاء وشفاعتهم ، وأوضحت أن هؤلاء المنافقين غرباء عن الإسلام وهذه الآية تبين أن المنافقين لفرط انحرافهم وضلالتهم يعجبهم أن يجروا المسلمين إلى الكفر كي لا يظلوا وحدهم كافرين (وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَما كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَواءً).
ولهذا السبب فإن المنافقين أسوأ من الكفار ، لأن الكافر لا يحاول سلب معتقدات الآخرين ، والمنافقون يفعلون هذا الشيء ويسعون دائما لإفساد المعتقدات. وهم بطبعهم هذا لا يليقون بصحبة المسلمين أبدا ، تقول الآية الكريمة : (فَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِياءَ) إلا إذا غيروا ما في أنفسهم من شر ، وتخلوا عن كفرهم ونفاقهم وأعمالهم التخريبية.
ولكي يثبتوا حصول هذا التغيير ، ويثبتوا صدقهم فيه ، عليهم أن يبادروا إلى الهجرة من مركز الكفر والنفاق إلى دار الإسلام (أي يهاجروا من مكة إلى المدينة) فتقول الآية : (حَتَّى يُهاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ) أما إذا رفضوا الهجرة فليعلم المسلمون بأن هؤلاء لا يرضون لأنفسهم الخروج من حالة الكفر والنفاق وإن تظاهرهم بالإسلام ليس إلّا من أجل تمرير مصالحهم وأهدافهم الدنيئة ، ومن أجل أن يسهل عليهم التآمر والتجسس على المسلمين.
وفي هذه الحالة يستطيع المسلمون أن يأسروهم حيثما وجودهم ، وأن يقتلوهم إذا استلزم الأمر ، تقول الآية الكريمة : (فَإِنْ تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ