٢ ـ كفر صفة لأنهم وصفوا المسيح وهو محدث بصفات الله تعالى ، فقالوا :
هو إله واحد فكل جاهل بالله كافر ، لأنه لما ضيع حق نعمة الله ، كان بمنزلة من أضافها إلى غيره ومعنى (فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللهِ شَيْئاً) من يقدر أن يدفع من أمر الله شيئا ، من قولهم : ملكت على فلان أمره : إذا اقتدرت عليه حتى لا يمكنه إنفاذ شيء من أمره إلا بك. وتقديره من يملك من أمره شيئا. ووجه الاحتجاج بذلك أنه لو كان المسيح إلها ، لقدر على دفع أمر الله إذا أتى بإهلاكه وإهلاك غيره ، وليس بقادر عليه لاستحالة القدرة على مغالبة القديم (تعالى) إذا ذلك من صفات المحتاج الذليل.
وقوله : (وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما) أنها لم يقل وما بينهن مع ذكر السموات على الجمع ، لأنه أراد به النوعين أو الصنفين.
فإن قيل : كيف حكى عنهم أن الله هو المسيح بن مريم ، وعندهم هو ابن الله؟ ، قلنا : لأنهم زعموا أنه إله ، وهذا الاسم إنما هو للإله بمنزلة ذلك ، كما لو قال الدهري : إن الجسم قديم لم يزل ، وإن لم يذكره بهذا الذكر (١).
* س ٢٠ : ما هو تفسير قوله تعالى :
(وَقالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصارى نَحْنُ أَبْناءُ اللهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ)(١٨) [المائدة:١٨]؟!
الجواب / قال الشيخ الطوسي : روي عن ابن عباس أن جماعة من اليهود قالوا للنبي حين حذرهم بنقمات الله وعقوباته ، فقالوا : لا تخوفنا فإننا أبناء الله
__________________
(١) التبيان : ج ٣ ، ص ٤٧٦.