شديدة الريح فتصدع هاماتكم ، ولا شديدة النثن فتعطبكم ـ أي تهلككم ـ ، ولا شديدة اللين كالماء فتغرقكم ، ولا شديدة الصلابة فتمتنع عليكم في دوركم ، وأبنيتكم ، وقبور موتاكم ، ولكنّه عزوجل جعل فيها من المتانة ما تنتفعون به ، وتتماسكون ، وتتماسك عليها أبدانكم وبنيانكم ، وجعل فيها ما تنقاد به لدوركم ، وقبوركم ، وكثير من منافعكم ، فلذلك جعل الأرض فراشا لكم.
ثمّ قال عزوجل : (وَالسَّماءَ بِناءً) أي سقفا محفوظا ، يدير فيها شمسها وقمرها ، ونجومها لمنافعكم.
ثمّ قال تعالى : (وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً) يعني المطر ، [نزّله] من أعلى ليبلغ قلل جبالكم ، وتلالكم ، وهضابكم وأوهادكم ـ أي المكان المطمئن ـ ثمّ فرّقه رذاذا ـ المطر الضعيف ـ ، ووابلا ـ المطر الشديد ـ ، وهطلا ـ المطر المتتابع ـ لتنشفه ـ أي تشربه ـ أرضوكم ، ولم يجعل ذلك المطر نازلا عليكم قطعة واحدة ، فيفسد أرضيكم ، وأشجاركم ، وزروعكم ، وثماركم.
ثمّ قال عزوجل : (فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَراتِ رِزْقاً لَكُمْ) يعني ممّا يخرجه من الأرض لكم (فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً) أي أشباها وأمثالا من الأصام التي لا تعقل ، ولا تسمع ، ولا تبصر ، ولا تقدر على شيء (وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) أنّها لا تقدر على شيء من هذه النعم الجليلة التي أنعمها عليكم ربّكم تبارك وتعالى» (١).
__________________
(١) التوحيد : ص ٤٠٣ ، ح ١١.