ثمّ قال عزوجل : (وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ) قال : وخلق الله الذين من قبلكم من سائر أصناف النّاس (لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) قال : لها وجهان :
أحدهما : وخلق الذين من قبلكم لعلّكم ـ كلّكم ـ تتّقون ، أي لتتّقوا كما قال الله عزوجل : (وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ)(١).
والوجه الآخر : اعبدوا الذي خلقكم ، والذين من قبلكم ، لعلّكم تتقون ، أي اعبدوه لعلكم تتقون النار ، و (لعلّ) من الله واجب ، لأنّه أكرم من أن يعني (٢) عبده بلا منفعة ، ويطعمه في فضله ثمّ يخيّبه ، ألا تراه كيف قبح من عبد من عباده ، إذا قال لرجل : اخدمني لعلّك تنتفع بي ، ولعلّي أنفعك بها ، فيخدمه ، ثمّ يخيّبه ولا ينفعه ، فالله عزوجل أكرم في أفعاله ، وأبعد من القبيح في أعماله من عباده» (٣).
س ١٩ : ما هو تفسير قوله تعالى :
(الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِراشاً وَالسَّماءَ بِناءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَراتِ رِزْقاً لَكُمْ فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) (٢٢) [البقرة : ٢٢]؟!
الجواب / بسند صحيح عن علي بن الحسين عليهالسلام في قول الله تعالى : (الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِراشاً وَالسَّماءَ بِناءً).
قال : «جعلها ملائمة لطبائعكم ، موافقة لأجسادكم ، ولم يجعلها شديدة الحمي والحرارة فتحرقكم ، ولا شديدة البرودة فتجمّدكم ، ولا
__________________
(١) الذاريات : ٥٦.
(٢) العناء : التعب والنصب.
(٣) تفسير الإمام العسكري عليهالسلام : ١٣٩ / ٦٨ و ٦٩ و ٧١.