اسمه في الكتاب لأسقط ما أسقط من ذكره ، وهذا وما أشبهه من الرموز التي ذكرت لك ثبوتها في الكتاب ليجهل معناها المحرّفون فيبلغ إليك وإلى أمثالك ، وعند ذلك قال الله عزوجل : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً)(١).
وأما قوله لنبيه صلىاللهعليهوآلهوسلم : (وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ)(٢) ، فأنك ترى أهل الملل المخالفة للإيمان ، ومن يجري مجراهم من الكفار ، مقيمين على كفرهم إلى هذه الغاية ، وأنه لو كان رحمة عليهم لاهتدوا جميعا ونجوا من عذاب السعير ، فإنّ الله تبارك وتعالى إنما عنى بذلك أنه جعله سبيلا لإنظار أهل هذه الدار ، لأنّ الأنبياء قبله بعثوا بالتصريح لا بالتعريض ، وكان النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم منهم إذا صدع بأمر الله وأجابه قومه ، سلموا وسلم أهل دارهم من سائر الخليقة ، وإن خالفوه هلكوا وهلك أهل دارهم بالآفة التي كان نبيهم يتوعدهم بها ويخوفهم حلولها ونزولها بساحتهم من خسف أو قذف أو رجف أو ريح أو زلزلة وغير ذلك من أصناف العذاب الذي هلكت به الأمم الخالية ، وإن الله علم من نبينا صلىاللهعليهوآلهوسلم ومن الحجج في الأرض الصبر على ما لم يطق من تقدمهم من الأنبياء الصبر على مثله ، فبعثه الله بالتعريض لا بالتصريح ، وأثبت حجة الله تعريضا لا تصريحا بقوله في وصيه : من كنت مولاه فعلي مولاه ، وهو منّي بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي.
وليس من خليقة النبي ولا من شيمته أن يقول قولا لا معنى له ، فلزم الأمة أن تعلم أنه لما كانت النبوة والخلافة موجودتين في خلافة هارون ، ومعدومتين فيمن جعله النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بمنزلته أنه قد استخلفه على أمته كما استخلف
__________________
(١) المائدة : ٣.
(٢) الأنبياء : ١٠٧.