إلى السماء عند المعراج ، وجمع له يومئذ الأنبياء ، فعلم منهم ما أرسلوا به وحملوه من عزائم الله وآياته وبراهينه ، وأقرّوا أجمعون بفضله وفضل الأوصياء والحجج في الأرض من بعده ، وفضل شيعة وصيّه من المؤمنين والمؤمنات الذين سلموا لأهل الفضل فضلهم ولم يستكبروا عن أمرهم ، وعرف من أطاعهم ، وعصاهم من أممهم وسائر من مضى ومن غبر أو تقدّم أو تأخر.
وأما هفوات الأنبياء عليهمالسلام وما بينه الله في كتابه ، ووقوع الكناية عن أسماء من اجترم أعظم مما اجترمته الأنبياء ممن شهد الكتاب بظلمهم ، فإن ذلك من أدلّ الدلائل على حكمة الله عزوجل الباهرة وقدرته القاهرة وعزّته الظاهرة ، لأنه علم أن براهين الأنبياء تكبر في صدور أممهم ، وأن منهم من يتخذ بعضهم إلها ، كالذي كان من النصارى في ابن مريم ، فذكرها دلالة على تخلفهم عن الكمال الذي تفرّد به عزوجل ، ألم تسمع إلى قوله في صفة عيسى حيث قال فيه وفي أمّه : (كانا يَأْكُلانِ الطَّعامَ)(١)؟ يعني إن من أكل الطعام كان له ثفل ، ومن كان له ثفل فهو بعيد مما ادّعته النصارى لابن مريم.
ولم يكنّ عن أسماء الأنبياء تجبرا وتعززا ، بل تعريفا لأهل الاستبصار ، أن الكناية عن أسماء أصحاب الجرائر العظيمة من المنافقين في القرآن ليست من فعله تعالى ، وأنها من فعل المغيرين والمبدلين الذين جعلوا القرآن عضين ، واعتاضوا الدنيا من الدين.
وقد بين الله تعالى قصص المغيّرين بقوله : (فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هذا مِنْ عِنْدِ اللهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً)(٢) ، وبقوله : (وَإِنَ
__________________
(١) المائدة : ٧٥.
(٢) البقرة : ٧٩.