إنّ الله تعالى ذمّ اليهود في بغضهم لجبرئيل عليهالسلام الذي كان ينفّذ قضاء الله تعالى فيهم بما يكرهون ، وذمّهم أيضا وذمّ النواصب في بغضهم لجبرئيل وميكائيل وملائكة الله النازلين لتأييد عليّ بن أبي طالب عليهالسلام على الكافرين حتّى أذلّهم بسيفه الصارم.
فقال : قل : يا محمّد (مَنْ كانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ) من اليهود ، لدفعه عن بخت نصّر أن يقتله دانيال ، من غير ذنب كان جناه بخت نصّر ، حتّى بلغ كتاب الله في اليهود أجله ، وحلّ بهم ما جرى في سابق علمه. ومن كان أيضا عدوّا لجبرئيل من سائر الكافرين وأعداء محمّد وعليّ الناصبين ، لأنّ الله تعالى بعث جبرئيل لعليّ عليهالسلام مؤيّدا ، وله على أعدائه ناصرا ، ومن كان عدوّا لجبرئيل لمظاهرته محمدا وعليّا عليهالسلام ، ومعاونته لهما ، وانقياده لقضاء ربّه عزوجل في إهلاك أعدائه على يد من يشاء من عباده. (فَإِنَّهُ) يعني جبرئيل (نَزَّلَهُ) يعني نزّل هذا القرآن (عَلى قَلْبِكَ) يا محمد (بِإِذْنِ اللهِ) بأمر الله ، وهو كقوله : (نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ)(١).
(مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ) موافقا لما بين يديه من التوراة والإنجيل والزّبور ، وصحف إبراهيم ، وكتب شيث وغيرهم من الأنبياء.
قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : إنّ هذا القرآن هو النور المبين ، والحبل المتين ، والعروة الوثقى ، والدرجة العليا ، والشّفاء الأشفى ، والفضيلة الكبرى ، والسعادة العظمى ، من استضاء به نوّره الله ، ومن عقد به أموره عصمه الله ، ومن تمسّك به أنقذه الله ، ومن لم يفارق أحكامه رفعه الله ، ومن استشفى به
__________________
(١) الشعراء ٢٦ : ١٩٣ ـ ١٩٥.