قوله جل ذكره : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللهِ تَوْبَةً نَصُوحاً عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ)
التوبة النصوح : هى التي لا يعقبها نقض.
ويقال : هى التي لا تراها من نفسك ، ولا ترى نجاتك بها ، وإنما تراها بربّك.
ويقال : هى أن تجد المرارة في قلبك عند ذكر الزّلّة كما كنت تجد الراحة لنفسك عند فعلها.
قوله جل ذكره : (يَوْمَ لا يُخْزِي اللهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمانِهِمْ يَقُولُونَ : رَبَّنا أَتْمِمْ لَنا نُورَنا وَاغْفِرْ لَنا إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).
لا يخزى الله النبيّ بترك شفاعته ، والذين آمنوا معه بافتضاحهم بعد ما قبل فيهم شفاعته.
(نُورُهُمْ يَسْعى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمانِهِمْ) عبّر بذلك عن أنّ الإيمان من جميع جهاتهم.
ويقال : بأيمانهم كتاب نجاتهم : أراد نور توحيدهم ونور معرفتهم ونور إيمانهم ، وما يخصّهم الله به من الأنوار في ذلك اليوم.
(يَقُولُونَ : رَبَّنا أَتْمِمْ لَنا نُورَنا) : يستديمون التضرّع والابتهال في السؤال (١).
قوله جل ذكره : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ جاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (٩))
أمره بالملاينة في وقت الدعوة ، وقال : (وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) (٢) ثم لمّا أصرّوا ـ بعد بيان الحجّة ـ قال : (وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ) : لأن هذا في حال إصرارهم ، وزوال أعذارهم.
__________________
(١) هذه الإشارة موجهة إلى الصوفية من بعيد كى لا يكفوا عن التضرع والابتهال قط فإن خير العمل أدومه ؛ فالاستدامة شرط أساسى لأن الطريق الصوفي طويل وشاق.
(٢) آية ١٢٥ سورة النحل.