سورة الجنّ (١)
قوله جل ذكره : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
(بِسْمِ اللهِ) اسم عزيز به أقرّ من أقرّ بربوبيته ، وبه أصرّ من أصرّ على معرفته ، وبه استقرّ من استقرّ من خليقته ، وبه ظهر ما ظهر من مقدوراته ، وبه بطن ما بطن من مخلوقاته (٢) فمن جحد فبخذلانه (٣) وحرمانه ، ومن وحد (٤) فبإحسانه وامتنانه.
قوله جل ذكره : (قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقالُوا إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً (١))
قيل : إن الجنّ كانوا يأتون السماء فيستمعون إلى قول الملائكة ، فيحفظونه ، ثم يلقونه إلى الكهنة ، فيزيدون فيه وينقصون .. وكذلك كانوا في الفترة التي بين نبيّنا صلىاللهعليهوسلم وبين عيسى عليهالسلام. فلمّا بعث نبيّنا صلىاللهعليهوسلم ورجموا بالشّهب علم إبليس أنه وقع شىء (٥) ففرّ جنوده ، فأتى تسعة منهم إلى بطن نخلة واستمعوا قراءته صلىاللهعليهوسلم فآمنوا ، ثم آتوا قومهم وقالوا : إنّا سمعنا قرآنا عجبا يهدى إلى الرشد فآمنا به ... إلى آخر الآيات.
(وجاءه سبعون منهم وأسلموا وذلك قوله تعالى : (وَإِذْ صَرَفْنا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ ..)) (٦)
__________________
(١) أخطأ الناسخ في ص وجعلها (سورة المزمل) بينما التفسير جار لسورة الجن.
(٢) إشارة إلى الجن .. وهنا نوع من الترابط بين إيحاءات البسملة والسورة.
(٣) الباء هنا معناها (بسبب) أي أن الجاحد جحد بسبب خذلان الله له في القسمة.
(٤) هكذا في ص وهي الصواب بينما هي في م (قصد) ونحن نعلم أن القشيري يستعمل (جحد) و (وحد) متقابلين.
(٥) «حدث شىء في الأرض» (الترمذي).
(٦) ما بين القوسين ورد في م ولم يرد في ص ، والآية هي رقم ٢٩ سورة الأحقاف.