وأحوال هذه الطائفة (١) فى لياليهم مختلفة ، كما قالوا :
لا أظلم الليل ولا ادّعى |
|
أنّ نجوم الليل ليست تزول |
ليلى كما شاءت : قصير إذا |
|
جادت ، وإن ضنّت فليلى طويل |
(فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ) يكتب من أمّ الكتاب في هذه الليلة ما يحصل في السنة كلّها من أقسام الحوادث في الخير والشرّ ، فى المحن والمنن ، فى النصر والهزيمة ، فى الخصب والقحط.
ولهؤلاء القوم (يعنى الصوفية) أحوال من الخصب والجدب ، والوصل والفصل ، والوفاق والخلاف ، والتوفيق والخذلان ، والقبض والبسط .. فكم من عبد ينزل له الحكم والقضاء بالبعد والشقاء ، وآخر ينزل حكمه بالرّفد والوفاء.
قوله جل ذكره : (أَمْراً مِنْ عِنْدِنا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ (٥) رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٦))
(رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ) : وهي الرسول ـ صلىاللهعليهوسلم ، قال صلوات الله عليه : «أنا رحمة مهداة»
ويقال : (إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ) رحمة لنفوس أوليائنا بالتوفيق ، ولقلوبهم بالتحقيق.
(إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) : (السَّمِيعُ) لأنين المشتاقين ، (الْعَلِيمُ) بحنين المحبين.
قوله جل ذكره : (رَبِّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ (٧))
مالك السماوات والأرضين ، ومالك ما بينهما ـ وتدخل في ذلك أكساب العباد. وتملّكها بمعنى القدرة عليها ، وإذا حصل مقدور في الوجود دلّ على أنه مفعوله ؛ لأن معنى الفعل مقدور وجد (٢).
__________________
(١) يقصد طائفة الصوفية.
(٢) لا حظ كيف يحاول القشيري أن يدخل في «وما بينهما» أفعال العباد ، فحتى أكساب العباد ـ فى نظر هذا المتكلم داخلة ـ من حيث هي مقدورة ـ فى نطاق الخلق المنسوب إلى الله.