قوله جل ذكره : (وَمِنْ آياتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خاشِعَةً فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْياها لَمُحْيِ الْمَوْتى إِنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٣٩))
الأرض تكون جدبة يابسة في الشتاء ، فإذا نزل عليها المطر اهتزت بالنبات واخضرّت وكذلك القلوب إذا خشعت لاستشعارها بما ألّمت به من الذنوب أقبل عليها الحق سبحانه ، فظهرت فيها بركات الندم ، وعفا عن أربابها ما قصروا في صدق القدم. وكذلك إذا وقعت للعبد فترة في معاملاته ، أو غيبة عن بساط طاعاته ، ثم تغمّده الحقّ ـ سبحانه ـ بما يدخل عليه من التذكر تظهر في القلب أنوار الوفاق ، فيعود إلى مألوف مقامه ، ويرجع عود سداده غضّا طريا ، ويصير شجر وفاقه ـ بعد ما أصابته الجدوبة ـ بماء العناية مستقيا.
وكذلك إذا بدت لأهل العرفان وقفة ، أو حدثت لهم من جرّاء سوء أدب بدر منهم حجبة ثم نظر الحقّ ـ سبحانه ـ إليهم بالرعاية .. اهتزّت رياض أنسهم ، واخضرّت مشاهد قربهم ، وانهزمت وفود وقفتهم.
(إِنَّ الَّذِي أَحْياها لَمُحْيِ الْمَوْتى إِنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) : إن الذي أحيا الأرض بعد موتها قادر على إحياء النفوس بالحشر والنشر. وكذلك هو قادر على إحياء القلوب بنور العناية بعد الفترة والحجبة.
قوله جل ذكره : (إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آياتِنا لا يَخْفَوْنَ عَلَيْنا أَفَمَنْ يُلْقى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِناً يَوْمَ الْقِيامَةِ اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ إِنَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (٤٠))
سيلقون من العذاب ما يستوجبونه .. فليعملوا ما شاءوا .. فليسوا يسعون إلّا في ذمهم ، وليسوا يمشون إلا إلى هلاكهم بأقدامهم.