(أَشَدَّ الْعَذابِ) : أي أصعبه ، وأصعب عذاب للكفار في النار يأسهم من الخروج عنها. أمّا العصاة من المؤمنين فأشدّ عذابهم في النار إذا علموا أن هذا يوم لقاء المؤمنين ، فإذا عرفوا ذلك فذلك اليوم أشدّ أيام عذابهم.
قوله جل ذكره : (وَإِذْ يَتَحاجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا نَصِيباً مِنَ النَّارِ (٤٧) قالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُلٌّ فِيها إِنَّ اللهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبادِ (٤٨))
يقول الضعفاء للذين استكبروا : أنتم أضللتمونا ، ويقول لهم المستكبرون : أنتم وافقتمونا باختياركم (١) ؛ فمحاجة بعضهم لبعض تزيد في غيظ قلوبهم ، فكما يعذّبون بنفوسهم يعذبون بضيق صدورهم وببغض بعضهم لبعض.
قوله جل ذكره : (وَقالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْماً مِنَ الْعَذابِ (٤٩) قالُوا أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّناتِ قالُوا بَلى قالُوا فَادْعُوا وَما دُعاءُ الْكافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلالٍ (٥٠))
وهذه أيضا من أمارات الأجنبية ، فهم يدخلون واسطة بينهم وبين ربّهم (٢). ثم إن الله ينزع الرحمة عن قلوب الملائكة كى لا يستشفعوا لهم.
__________________
(١) لإحظ هنا كيف يحرص القشيري على إبراز عنصر الاختيار لدى الإنسان ، مع معرفتنا السابقة بأنه ينادى بأن الله خالق كل شىء حتى أكساب العباد ، وقد حاول أن يوفق بين الاتجاهين فقال : يجرى هذا من العبد فعلا ومن الله حكما.
(٢) من ذلك نفهم أن القشيري لا يرى بالواسطة عند الدعاء ، بل ينبغى أن تدعو الله مباشرة.